بقلم: عهدية أحمد السيد – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم– تصفية رموز الإرهاب لا تعني انتهاء مخاطر الفكر الايدولوجي المتطرف، والعودة إلى التاريخ تؤكد عدم جدوى التركيز على مطاردة قادة ميليشيات الإرهاب، دون اقتلاع المنهج التكفيري الأم، فمن إعدام سيد قطب إلى مقتل أسامة بن لادن، وصولا إلى مقتل أيمن الظواهري، حقائق أكدت أن الإرهاب الذي عانى منه العالم مصدره فكر تنظيم “الإخوان” الإرهابي.
أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن خبر مقتل الظواهري عبر استهداف منزل بالعاصمة الأفغانية كابول العديد من التساؤلات حول توقيت العملية، فمن جانب يشكل مقتل الظواهري مكسباً سياسياً لإدارة بايدن والحزب “الديمقراطي”على صعيد الداخل الأمريكي، قبل الدخول في الانتخابات النصفية للكونجرس في نوفمبر المقبل، وهو توقيت دقيق يعاني خلاله “الديمقراطيون” من غضب الناخب الأمريكي، بسبب أزمة الطاقة وارتفاع الأسعار الناتجة عن الأزمة الأوكرانية وتداعياتها السياسية والاقتصادية.
وعلى صعيد سياستها الخارجية تحاول الولايات المتحدة التأكيد على أنها لا تزال مستمرة في حربها على الإرهاب، كما يُشكل مقتل الظواهري ضربة معنوية للتنظيم، إلا أنه لن يقضي بشكل نهائي على فكر التنظيم، المتمثل في فكر التنظيم الأم “الإخواني”.
برأيي الإنجاز الأكبر هو الاستمرار في جهود مكافحة الإرهاب والتطرف للقضاء عليه بشكل كامل، خصوصاً أن غالبية قادة التنظيمات خرجوا من إرث فكر تنظيم “الإخوان”. ولذلك، من الضرورة بمكان الاستمرار في التضييق على أنشطة الإخوان، الذين يتخذون من عدة دول غربية بما فيها أوروبا والولايات المتحدة، ملاذا لأنشطتهم المشبوهة مع أهمية ادراج التنظيم في قوائم الإرهاب، وملاحقة مصادر التمويل والاستثمارات التي يستغل مردودها في أنشطة الإرهاب.
تراجع تأثير تنظيم “القاعدة” الإرهابي على المشهد العالمي بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن عام 2011، وفشل موجة ما يسمى ب”الربيع العربي”، وظهور الصراع ما بين جبهة النصرة الموالية ل”القاعدة” وتنظيم “داعش”، حتى جاءت مرحلة الاتفاق النووي عام 2015، وحينها سحب الجولاني زعيم جبهة النصرة الإرهابية مبايعته لتنظيم “القاعدة”، بعد ظهور أنباء عن خروج قياداتها من إيران، ومنذ ذلك الوقت انحصرت عمليات القاعدة في الصومال وغرب وشمال افريقيا واليمن، بالإضافة إلى وسط وجنوب آسيا، ومؤخرا في سوريا عبر ما يسمى “بحراس الدين”، ما يعني وجود ميليشيات لا تتبع بشكل مباشر التنظيم الأم، إلا إنها تتبع أيديولوجية “القاعدة”، ما يعكس “لا مركزية” التنظيم الإرهابي في التعامل مع فروعه.
تتحدث العديد من المصادر الإعلامية عن المرشح لخلافة الظواهري، وهو محمد صلاح الدين زيدان، المشهور بمسمى “سيف العدل” والهارب منذ عام 2001 في ايران وفقا للتقارير، ما يعكس حقيقة التنظيم الذي تستغله ايران كورقة تفاوضية مع الغرب، أو الدول المحورية المؤثرة في المنطقة، في دلالة على المنهج “الإخواني”، الذي يتخذ من الدين ستاراً لأجنداته السياسية. وعليه، بات اقتلاع الفكر “الإخواني” ضرورة مهمة لإنهاء وجود “القاعدة” وغيرها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة.