بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- أثارت دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة جدلاً في الأوساط السياسية العراقية، ما بين مؤيد ومعارض لها، استناداً إلى جدوى هذه العملية بعد نحو تسعة أشهر على انتخابات مماثلة، وما إذا كانت هذه الانتخابات ستؤدي إلى إيجاد مخرج للأزمة المستفحلة أم أنها ستعيد إنتاجها من جديد.
من الواضح أن هذه الدعوة تأتي في سياق البحث عن حلول لحالة الانسداد السياسي التي نشأت بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي وصلت إلى حد انسحاب نواب الكتلة الصدرية الأكثر عدداً من البرلمان، وما تلاه من احتدام الصراع بين التيار الصدري ومنافسه المباشر “الإطار التنسيقي” ونزول مناصري “التيار” إلى الشارع واقتحام البرلمان و”المنطقة الخضراء” في بغداد في تحرك يستهدف استعراض القوة الشعبية وقطع الطرق على مرشح “«الإطار” لمنصب رئاسة الوزراء محمد شياع السوداني. والأهم هنا هو فشل كل دعوات الحوار الوطني التي ووجهت بشروط وشروط مضادة أعادت الحديث عن حل البرلمان والانتخابات المبكرة إلى الواجهة.
لكن حل البرلمان يحتاج أولاً إلى توافق وطني، وثانياً إلى توفير الآليات الدستورية والقانونية، ناهيك عن توفير الأموال اللازمة لهذه العملية وإقناع المكونات العراقية بالذهاب إلى انتخابات ثانية في أقل من عام. ولكن ما الذي يضمن عدم صدور نتائج مشابهة للانتخابات السابقة، أو عدم حدوث خروق وعمليات تزوير كما حدث في المرات السابقة، وما هي جدوى الانتخابات أصلاً إذا كانت ستعيد إنتاج الأزمة ذاتها والتي هي أعمق بكثير من الانتخابات وتكررت مراراً لتفضي إلى حالة الانسداد السياسي التي نشهدها اليوم.
المسألة إذا تتعلق بالعملية السياسية المعمول منذ سقوط النظام السابق عام 2003، وبالنظام السياسي الذي أسس له وأشرف عليه الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر أنذاك، وبالتالي فإن فتح مسار جديد للخروج من الأزمة يقتضي مراجعة النظام السياسي برمته، بما في ذلك تغيير الدستور أو في أقل الأحوال إدخال تعديلات جوهرية عليه تواكب المرحلة الراهنة، وتفضي إلى إنهاء المحاصصة الطائفية والسياسية وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أساس نظام وطني ديمقراطي.
وإذا توافق العراقيون على الدعوة الحالية لإجراء الانتخابات، ينبغي على الأقل، وضع قانون جديد لها وإجراء التعديلات الدستورية اللازمة لتوضيح من هي الكتلة الأكبر بشكل لا يحمل أي لبس أو غموض، كما ينبغي وضع حد للتفسيرات الدستورية المتناقضة من جانب السلطة القضائية، وربما يحتاج الأمر إلى تغيير السلطة القضائية الحالية وإنشاء سلطة بديلة وفق معايير دستورية واضحة ومحددة، وكذلك اختيار مفوضية جديدة للانتخابات. وبغير ذلك فإن إجراء انتخابات في ظل الواقع الراهن لن يفضي سوى إلى إعادة إنتاج الأزمة، وإذا كان التيار الصدري لديه شارع مهم ويتمتع بقاعدة شعبية واسعة، فإن هناك شوارع أخرى للقوى السياسية لا يستهان بها وبعضها لديه ميليشيات يمكن أن تقود البلاد إلى حرب أهلية، أو في أحسن الأحوال إدامة الأزمة الراهنة حتى إشعار آخر.