الرئيسية / مقالات رأي / خطوة واحدة من حرب نووية

خطوة واحدة من حرب نووية

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- يبدو أن الولايات المتحدة معنية بشدة في جرّ الصين إلى مستنقع الحرب، كما فعلت مع روسيا لتدخل أوكرانيا، فالدولتان تشكلان تهديداً استراتيجياً لأمريكا التي تفردت بالقطبية العالمية على مدى عقود ثلاثة مضت، إذ عملت الصين وروسيا في الفترات الماضية على توطيد العلاقات الدولية وتمديد نفوذهما، وتنمية قوتيهما الاقتصادية والعسكرية، بل أكدتا مراراً وتكراراً عزمهما على جعل العالم متعدد الأقطاب، وهو ما لم يرغبه البيت الأبيض الذي لجأ بعد زمن من حرب مبطنة شنّها على موسكو وبكين، إلى إظهار العداء بوضوح، ومضاعفة دعم كيانات ودول محيطة بالدولتين لتحطيمهما بحروب استنزافية تؤخر صعودهما لعقود مقبلة.

زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها وأنها إقليم انفصالي سيتم توحيده يوماً ما، تدخل في خانة التحدي الأمريكي للتنين، بل تعدّ ضرباً عبر الحائط لكل تهديداته وتحذيراته، وإهانة له، لذا فإن ردّة الفعل الصينية كانت قوية، عبر تنفيذ مناورات عسكرية باستخدام الذخيرة الحية في المياه والمجال الجوي حول تايوان، كما تم إطلاق صاروخين باتجاه جزر “ماتسو” التايوانية، تزامناً مع إعلان الجيش الصيني حالة التأهب القصوى. أما على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، فقد أوقفت بكين صادرات العديد من السلع، واستدعت السفير الأمريكي في بكين، ووجهت رسالة قوية تحذر من تبعات الزيارة التي لا معنى لها سوى تحدي الصين واستفزازها والانتقاص من سيادتها، بل وصفت خطوة بيلوسي بأنها شنيعة للغاية وعواقبها وخيمة جداً، وأكدت أنها لن تقف مكتوفة اليدين.

بيلوسي التي التقت رئيسة تايوان تساي إنج وين، قالت: “وفدنا جاء إلى تايوان لكي يوضح بشكل لا لبس فيه أننا لن نتخلى عن التزامنا تجاه تايوان، ونحن فخورون بصداقتنا الدائمة”، مضيفة: “اليوم يواجه العالم خياراً بين الديمقراطية والاستبداد”، ليكون هذا التصريح هجوماً على الصين في عقر دارها، ووضوحاً أمريكياً في التعامل مع الصين كندٍّ لا بد من إخضاعه بأي طريقة كانت، كما يشكل حديث بيلوسي استعراضاً هدفه إظهار قوة الولايات المتحدة، التي اهتزت أمام حلفائها، بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والعملية الروسية في أوكرانيا.

 الثابت، أن واشنطن تسعى إلى مصالحها أولاً وأخيراً، حتى لو كانت على حساب أمن أصدقائها، التي تقول إنها تدعمهم في وجه التغول الصيني، إذ ما الفائدة المرجوة من تحدي الصين، وهي القوة العظمى، سوى استدراجها لتنفيذ عمليات عسكرية تضعف اقتصادها، بل إن الزيارة سترتد نتائجها السلبية على تايوان التي ستكون في وجه الغضب الصيني، إذ لن يتوانى العملاق الآسيوي عن التخلص من هذا الصداع عبر تنفيذ وعوده بإعادة الجزيرة إليه في أول فرصة سانحة.

ردة الفعل الصينية كانت محسوبة ولم تنجرّ إلى حرب حتى الآن، لكن لا يمكن ضمان التنّين في كل مرة، إذ في لحظة فارقة قد يحرق الجميع، فهل العالم مهيأ لهذه اللحظة التي ستضع العالم على بعد خطوة واحدة من حرب نووية، كما حذرت من ذلك الأمم المتحدة؟.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …