بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- بعد نحو تسعة شهور على الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة، وفي خضم أزمة سياسية طال انتظار حلها، تمت تسمية محمد شياع السوداني، لتولي منصب رئاسة الوزراء، مرشح تسوية بين قوى “الإطار التنسيقي”، الذي آلت إليه الأغلبية البرلمانية، بعد انسحاب التيار الصدري، لكن هذه الخطوة لا تزال قيد الاختبار.
السوداني الذي يعد قيادياً من الصف الثاني داخل “الإطار التنسيقي”، وشغل مناصب وزارية عدة في حكومات سابقة؛ من بينها وزير العمل والصناعة، قد يكون الأكثر قبولاً من بين نحو عشرة أسماء كانت متداولة خلال الفترة الماضية لتولي المنصب، وهو نائب في البرلمان للمرة الثالثة؛ حيث دخل الانتخابات الأخيرة بقائمة مستقلة، اسمها “تيار الفراتين”، لكن السوداني الذي كان قيادياً سابقاً في حزب “الدعوة” الذي يتزعمه نوري المالكي، قد يواجه بعض الاعتراضات، خصوصاً من جانب التيار الصدري الذي لم يقل كلمته بعد. كما أن ترشيح السوداني للمنصب، جاء بعد مخاض عسير، ونقاشات محتدمة، بدأت لحظة انسحاب التيار الصدري، حول ترشيح شخصيات من الصف الأول داخل قوى “الإطار”، يتقدمها نوري المالكي زعيم تكتل “دولة القانون” الذي تراجعت حظوظه إلى الصفر، بعد فضيحة “التسريبات المسجلة” التي أصبحت في عهدة القضاء. ومع أن السجال استمر حتى اللحظات الأخيرة خلال الاجتماع الحاسم الذي عقد في منزل هادي العامري زعيم تحالف “الفتح”، إلا أنه لم يتم التوافق بين قوى “الإطار” إلا بعد انسحاب مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بضغط من العامري، كما تشير التسريبات.
في كل الأحوال، يتوقف نجاح السوداني في مهمته الجديدة على عاملين أساسيين؛ الأول هو حسم الموقف الكردي، الذي أصبح تحت الضغط، بعد إلقاء الكرة في ملعبه، تجاه المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية، إما بالتوافق بين الحزبين الكبيرين “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني” على مرشح واحد للمنصب، وإما بتقديم مرشحيّن كما حدث في انتخابات عام 2018، وترك الأمر للبرلمان لانتخاب أحدهما، وبالتالي تكليف مرشح “الإطار التنسيقي” رسمياً بتشكيل الحكومة الجديدة. أما العامل الثاني فيتعلق بموقف التيار الصدري المرتقب، فإن حظي ترشيح السوداني بقبول التيار الصدري، فلن تكون هناك مشكلة، وستمضي الاستحقاقات الدستورية إلى منتهاها، أما إن رفض التيار الصدري هذا الترشيح، فيرجح المراقبون أن تبقى الأزمة على حالها، وأن تكون طريق السوداني طويلة وشاقة، بينما تستمر حكومة الكاظمي الحالية إلى أن يتم إيجاد حل للأزمة أو إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
وبطبيعة الحال، هذا يتناقض مع موقف صقور “الإطار التنسيقي” الذين كانوا يدعمون ترشيح شخصية سياسية من بينهم، بمعزل عن موقف التيار الصدري، والخطوة التالية التي قد يتخذها، بينما كان معتدلو “الإطار” يصرون على ترشيح شخصية سياسية غير مستفزة للتيار الصدري، ونجحوا بفرض ترشيح السوداني، الذي يأخذ عليه الصدريون أنه كان قيادياً سابقاً في حزب “الدعوة”، ويقيمون ما إذا كان ترشيحه جاء بدعم من المالكي أم لا. وبالتالي فإن ترشيح السوداني يبقى في دائرة الاختبار بانتظار الإجماع العراقي.