الشرق اليوم- وأخيراً، وبعد أكثر من تسعة شهور على الانتخابات البرلمانية التي جاءت بالتيار الصدري كأكبر كتلة نيابية (73 نائباً)، وبعد فشل كل محاولات اختيار رئيس جديد للحكومة، ثم انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، اتفق “الإطار التنسيقي” على اختيار محمد شيّاع السوداني لهذا المنصب، كحل وسط، بعد انعدام حظوظ رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إثر التسريبات المسجلة له، والتي أساء فيها للصدر، ولشخصيات سياسية أخرى، وفي محاولة من “الإطار” لعدم استفزاز الصدر؛ كون السوداني تعود جذوره إلى “حزب الدعوة” الذي يتزعمه المالكي، تحَول إلى مستقل، وأسس “تيار الفراتين” الذي يحوز ثلاثة مقاعد نيابية فقط، بعد حصوله على مقعدين من بدلاء “التيار الصدري” المستقيلين.
اختيار السوداني من جانب “الإطار التنسيقي”، يمكن وصفه بعملية ترقيع سياسية، بعد أن فشل في اختيار أحد المرشحين من “الإطار”، وخصوصاً بعد أن فقد أحد أبرز مرشحيه وهو المالكي الذي يحوز أكبر كتلة برلمانية بعد التيار الصدري حظوظه من جرّاء التسريبات الأخيرة.
عملية الترشيح هذه قد تكون رسالة إلى الصدر، مفادها أن تشكيل الحكومة الجديدة، جاء بهدف تجاوز المرحلة الراهنة، للخروج من حالة الانسداد السياسي التي حالت، حتى الآن، دون اختيار رئيس للحكومة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدلاً من الرئيس الحالي برهم صالح، علماً أن الصدر يراهن على فشل “الإطار التنسيقي” في تشكيل أية حكومة، وبالتالي الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، قد تعطيه الأكثرية المطلقة التي تمكنه من تشكيل حكومة وطنية، خارج المحاصصة الطائفية.
في حال تمكن السوداني من تشكيل حكومة جديدة، فمن السهل حصوله على ثقة مجلس النواب؛ ذلك أن “الإطار التنسيقي” بات يملك الآن 160 نائباً من أصل 329 نائباً؛ هم مجموع أعضاء مجلس النواب، وقد لا يعترض الصدر على ذلك من أجل تمرير المرحلة، وتجاوز حالة الانسداد السياسي التي باتت ترهق العراقيين، وتزيد من الأزمة الاقتصادية والمعيشية، لكن هذا الأمر ليس مضموناً.
وفي حال تشكيل الحكومة، تبقى عقدة انتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ وذلك يعتمد على قدرة المكون الكردي (الحزب الوطني ) و(الحزب الديمقراطي)، على الاتفاق على مرشح واحد.
لا يعني أن اختيار السوداني، أغلق أبواب الأزمة، فاختياره بداية ماراثون طويل، ومفاوضات صعبة بين “الإطار” والمكونات السياسية الأخرى؛ مثل المكون السني برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والمكون الكردي بشقيه الوطني والديمقراطي، إضافة إلى “التيار الصدري” الذي لم يحدد موقفه النهائي حتى الآن. والعقدة تصبح أكثر صعوبة على الحل، في حال رفض التيار التعاون مع الحكومة، وقرر اللجوء إلى أداته المفضلة، المتمثلة في الشارع، رداً على قيام “الإطار التنسيقي” بعرقلة محاولاته لتشكيل الحكومة، من أجل الضغط، لإجراء انتخابات مبكرة.
المصدر: صحيفة الخليج