الشرق اليوم- تمثل جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإفريقية التي بدأها بالقاهرة؛ حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسلّمه رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم وزير الخارجية سامح شكري، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والمندوبين العرب في الجامعة العربية، خطوة نوعية في الدبلوماسية الروسية، لاختراق المحاولات الأمريكية والغربية، التي تستهدف محاصرة روسيا سياسياً واقتصادياً.
وعندما تتحرك روسيا بهذا الزخم باتجاه الدول العربية والإفريقية؛ حيث من المقرر أن تشمل جولة لافروف الكونغو وأوغندا وإثيوبيا أيضاً، فإنها لا تتحرك من فراغ؛ بل هي تستثمر إرثاً تاريخياً إيجابياً من العلاقات مع الدول العربية والإفريقية منذ أيام الاتحاد السوفييتي؛ إذ قامت العلاقات يومها على أساس من التعاون البنّاء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما أسهم في تحرر الكثير من الدول من ربقة الاستعمار، كما أسهم في عملية التنمية، من دون ارتهان سياسي أو تدخل مباشر في شؤون هذه الدول، أو فرض رؤى أيديولوجية معينة. كما كانت هناك مساحة واسعة من التفهم لقضايا المنطقة العربية، وخصوصاً بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لم تخرج العلاقات عن هذا الإطار؛ بل تم تعزيزها مع مختلف الدول على قاعدة العلاقات، والمصالح المتكافئة، وأقيمت شراكات استراتيجية بين دول عربية عدة وروسيا، كما شهدت تواصلاً مستمراً على مختلف المستويات، أسهم في دفع هذه علاقات نحو مستويات جديدة، وخلق بيئة من التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي، وهو ما أشار إليه لافروف في كلمته أمام المندوبين العرب في الجامعة العربية، بقوله: “نريد زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري؛ وذلك بعد رفع التبادل التجاري العربي الروسي إلى 20 مليار دولار”، معرباً عن أمله في ارتفاعه بالعملات المحلية.
لقد شكلت الحرب الأوكرانية وتداعياتها من جرّاء الحصار الاقتصادي والسياسي والمالي الغربي على روسيا، منعطفاً في العلاقات العربية الروسية، بعدما اتخذت الدول العربية موقفاً محايداً من الحرب، ولم تنخرط في هذه الإجراءات؛ بل دعت إلى وقفها، والعمل على حلها من خلال الحوار والمفاوضات من منطلق الحرص على الأمن والسلام العالميين.
كان لهذا الموقف صدى إيجابياً لدى روسيا التي وجهت الشكر عبر لافروف، والذي أعرب عن امتنانه للموقف العربي المتوازن، وأشار إلى أن بلاده تريد المزيد من الحوار مع الأصدقاء العرب، والإنصات إليهم، واتهم الغرب بالتسبب في أزمة الغذاء العالمية، بسبب العقوبات التي فرضها على بلاده، مشيراً إلى أن حلف “الناتو” أخلّ بالوعود التي كان قد قدمها قبل تفكك الاتحاد السوفييتي، بعدم التمدد شرقاً. مؤكداً أنه “لا يمكن لدول الحلف أن تحافظ على أمنها، بتهديد أمن دولة أخرى”.
العلاقات العربية الروسية تتطور، لأنها تقوم على التفاهم، وتبادل المصالح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفي هذا الإطار يجري الاستعداد لعقد منتدى التعاون العربي الروسي في دورته السادسة قريباً.
المصدر: صحيفة الخليج