الرئيسية / مقالات رأي / الانقلابات الأمريكية

الانقلابات الأمريكية

الشرق اليوم- الحديث عن تدبير انقلابات أمريكية في دول عدة حول العالم، خلال العقود الماضية، ليس جديداً، وصدرت كتب تتحدث عن ذلك، وقيل الكثير عن دور المخابرات الأمريكية في مؤامرات ضد دول وزعماء، لكنها المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول أمريكي سابق، وبشكل علني، عن دوره في التخطيط لانقلابات في دول أخرى، ومن بينها فنزويلا.

 جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترامب، كشف في حديث لشبكة «سي إن إن»، أنه أسهم في التخطيط لانقلابات «ليس هنا في الولايات المتحدة، ولكن في أماكن أخرى»؛ وذلك بعد إدلائه بشهادته في الكونغرس حول هجوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 على مبنى «الكابيتول». وعندما سُئل عن محاولات الانقلاب التي كان يقصدها، قال: «لن أخوض في التفاصيل»، قبل أن يشير إلى فنزويلا، لكنه اتهم ترامب بأنه «ليس مؤهلاً بما يكفي لتنفيذ انقلاب مدبر بعناية».

 كان بولتون يقصد محاولة إطاحة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وذلك من خلال تحريض الجيش، لدعم زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، لإطاحة مادورو، لكن المحاولة فشلت.

 لم يعترف أي مسؤول أمريكي على الإطلاق بالتاريخ الطويل للمخابرات الأمريكية في تأجيج الاضطرابات في دول عدة، ولا بالانقلابات ضد رؤساء منتخبين ديمقراطياً، يعارضون السياسات الأمريكية حول العالم، ولا بتنظيم «ثورات ملونة» في العديد من دول أوروبا الشرقية، ولا حتى بالدور الأمريكي في «الفوضى الخلّاقة» بالمنطقة العربية، وبما يُسمى «الربيع العربي»، لكن كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن هناك أصابع أمريكية خفية لعبت دوراً في ذلك.

 كان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمس مونرو صاغ استراتيجية في مطلع القرن التاسع عشر تُسمى «مبدأ مونرو» الذي يوفر للولايات المتحدة حق التدخل في دول أمريكا الجنوبية تحت ذريعة المجال الحيوي الأمريكي، فكان غزو المكسيك عام 1846، والاستيلاء على نحو نصف أراضيها، والسيطرة على كوبا عام 1903، وإنشاء قاعدة عسكرية في خليج الخنازير، ما زالت قائمة حتى اليوم، وتم تحويلها إلى معتقل لأسرى الحرب الأفغانية من معتقلي «القاعدة». ثم عمدت الولايات المتحدة إلى غزو كوبا عام 1961، لإطاحة زعيمها فيدل كاسترو، وفشلت في ذلك، كما دبرت انقلاباً في غواتيمالا، أطاح الرئيس جاكوبو أربينزعام 1954، وأطاح انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة، الرئيس البرازيلي اليساري خواو غوالارات عام 1964، ونظمت إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان تمرداً في الثمانينات من القرن الماضي في نيكاراغوا، وأطاح الجيش في هندوراس وبدعم أمريكي، الرئيس مانويل زيلايا عام 2009، وقبل ذلك قام الجيش الأمريكي عام 1991 بغزو هايتي، وتنصيب برتراند أريستيد رئيساً.

 ويظل الانقلاب في تشيلي عام 1973 ضد الرئيس المنتخب سلفادور الليندي علامة فارقة سوداء في تاريخ المخابرات الأمريكية؛ حيث عملت إدارة الرئيس نيكسون وبترتيب من مستشار الأمن القومي آنذاك هنري كيسنجر على تنظيم انقلاب دموي، بقيادة الجنرال بينوشيه.

 هذه نماذج من «الدور الديمقراطي» الذي تقوم به الولايات المتحدة في العالم.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …