بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- لم تفلح جهود قادة الاتحاد الأوروبي، حتى الآن، في تأمين بدائل للغاز الروسي مع اقتراب حلول فصل الشتاء، ما يُنذر بكارثة لدى العديد من دول الاتحاد، إذا لم يتم تدارك الأمر بشكل سريع، وتأمين الاحتياجات المطلوبة من الطاقة لعبور آمن يوفر مساحة من الوقت لإيجاد الحلول المناسبة للاستغناء عن الغاز والنفط الروسيين.
يبدو أن الرهان الأوروبي على توجيه ضربة قوية لروسيا في إطار العقوبات الأوروبية، رداً على عمليتها العسكرية في أوكرانيا، عبر تغيير القواعد التي أرساها الاتحاد الأوروبي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وفرض حظر على النفط والغاز الروسيين، قد فشل فشلاً ذريعاً لسببين، أولهما أن الرهان الأوروبي كان يفترض انتهاء العملية الروسية في أوكرانيا خلال وقت قصير، وثانيهما أن وعود الولايات المتحدة بمساعدة أوروبا على تجاوز أزمة الطاقة بتوفير بدائل عن الطاقة الروسية، لم تتحقق.
وبالتالي، لم يفلح الحظر ولا العقوبات في وقف الحرب في أوكرانيا، في حين وجدت معظم دول الاتحاد الأوروبي نفسها أمام كارثة محتملة مع اقتراب فصل الشتاء من دون توفير البدائل اللازمة، بينما وجدت روسيا، بالمقابل، الأسواق البديلة، لتصدير منتجاتها من الطاقة. حتى الآن، لم تقل روسيا كلمتها الأخبرة في الرد على العقوبات، ولكن ماذا لو قررت موسكو قطع النفط والغاز بشكل كامل عن أوروبا التي لا يزال الغاز الروسي يشكل 40 في المئة من وارداتها النفطية؟ وهناك دول مثل ألمانيا تعتمد بشكل شبه كلي على مشتقات النفط الروسية؛ حيث يشكل الغاز الروسي نحو 65 في المئة من وارداتها النفطية، والتي اضطرت للعودة إلى استخدام الفحم الحجري مع كل المخاطر، على الرغم من كونه طاقة غير نظيفة، ويثير استخدامه احتجاجات بيئية وما إلى ذلك.
وتشير وثائق أوروبية إلى أن احتياطات الغاز الحالية لدى الاتحاد الأوروبي بلغت مستوى تاريخياً من الانخفاض عند 63 في المئة، ما يكفي لاستهلاك المنطقة في الشتاء لمدة 46 يوماً فقط، مقابل احتياطات بنحو 90 في المئة في السنوات القليلة الماضية. وبحسب بعض الخبراء، فإن اعتماد أوروبا على إمدادات الغاز من خارج القارة محكوم بخيارين، إما من خلال خطوط الأنابيب، وهي أقل كُلفة لكنها في أيدي المصدرين، وإما نقله على متن السفن، ولكن بكُلفة أعلى، ومع ذلك فإن الاقتصاد الأوروبي مرشح للركود، وانخفاض الناتج المحلي.
في خضم هذه الأزمة التي عقّدتها العقوبات الغربية على روسيا، تزداد المخاوف من حلول «شتاء كارثي»، يثير المزيد من الاضطرابات الاجتماعية التي بدأت بالفعل في القارة العجوز، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على مواقف الحكومات تجاه الأزمة في أوكرانيا، خصوصاً وأنها لم تعد تقتصر على مشتقات الطاقة، وإنما تطال غلاء الأسعار والمواد الغذائية بالنسبة لشرائح واسعة من المجتمعات الأوروبية، وبالذات الطبقات الوسطى والفقيرة.
مشكلة أوروبا أنها استخدمت نقطة ضعفها، والقواعد وضعتها بنفسها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كأدوات في معاقبة روسيا، من دون أن تدرك أنها سلمت موسكو الأسلحة التي يمكن أن تعاقبها هي.