بقلم: إميل أمين – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- مع الزيارة المقبلة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى فرنسا، تطفو على السطح إشكاليات الشرق الأوسط، سيما أن الزيارة تأتي في توقيت قريب لزيارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن للمنطقة عينها.
درجت الإمارات وفي كافة علاقاتها الإقليمية والدولية، على أن تكون رسالة سلام في محيطها الإقليمي، وهو الدور عينه الذي تقوم به فرنسا، سواء على الصعيد الأوروبي والعالمي، وكذا دورها في الشرق الملتهب، والذي كانت قريبة منها بحكم معطيات القرب الجغرافي تاريخياً.
تلعب الدبلوماسية الإماراتية في تفاعلها مع نظيرتها الفرنسية دوراً واضحاً ومقدراً في إطفاء الحرائق من جهة، والسعي في طريق بلورة رؤى سلام حقيقي، شامل كامل، يقي الجميع ويلات الحروب، وتكاليف الصراع. قبل الزيارة الميمونة وبأيام قليلة، تحدث معالي الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، بأن بلاده «لن تكون أبداً جزءاً من محور ضد إيران، ومؤكداً انفتاح الدولة على أي شيء يحميها، دون أن يستهدف دولة ثالثة».
في هذا السياق تتسق الرؤى مع فرنسا، والتي تسعى للتوصل إلى حل للخلاف مع إيران وبنوع خاص من جراء ملفها النووي، فيما أصوات أخرى تهدد باللجوء إلى سيناريوهات القوة والعنف، وهي سيناريوهات أثبتت التجربة التاريخية أنها لا تجدي. ملف آخر تبدو فيه العلاقة ما بين أبوظبي وباريس، علاقة ما بعد عضوية، وهو الخاص بالقضية الفلسطينية، ومحاولة زحزحة الوضع المتكلس لها.
هنا نقطع بأن خيار السلام الإماراتي، وبالتعاون مع الدبلوماسية الفرنسية العريقة، قادر على أن يحلحل الجمود الذي اعترى المشهد في الفترة الأخيرة. تظهر الزيارة الكريمة أن آفاق التعاون الإماراتي الفرنسي، تعظم وتتصاعد في أعلى عليين يوماً تلو الآخر، وليس سراً القول إن الإمارات هي من أكبر، إن لم تكن بالفعل أكبر شريك استراتيجي لفرنسا في الخليج العربي والشرق الأوسط برمته.
ولعل ما يميز شكل هذه العلاقة أنه ذو أكثر من وجه، وكلها وجوه خلاقة. فهناك الوجه العسكري، والتعاون الإيجابي والخلاق بين الإمارات وفرنسا، التي تعد القوة الرابعة عسكرياً حول العالم، إضافة للجانب الاقتصادي، والذي ينمو باطراد مستمر ومستقر لصالح شعوب البلدين. أما المساحة المميزة بين البلدين، فتتجلى فيها روح التعاون الثقافي والتعليمي، كما الحال مع لوفر أبوظبي وجامعة السوربون في الإمارات.
وفي كل الأحوال، تبقى هذه العلاقة بمثابة نافذة للعالم العربي، يمكن النظر منها إلى أوروبا، كما أنها تمثل جسراً للفرنسيين أول الأمر، ثم للأوروبيين عامة للدخول في عمق العلاقات الوطيدة مع العالم العربي. من أبوظبي إلى باريس، شراكة أنوار، على كافة المستويات؛ بهدف توفير سياقات إنسانية تحفظ كرامة البشر، وتفتح الأبواب أمام عالم النماء والازدهار أمس واليوم وإلى ما شاء الله.