الرئيسية / مقالات رأي / Foreign Policy: كيف غيّر شينزو آبي اليابان؟

Foreign Policy: كيف غيّر شينزو آبي اليابان؟

بقلم: توبياس هاريس

الشرق اليوم- كان يُفترض أن تنتهي المسيرة السياسية لرئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، في سبتمبر 2007، حيث اضطر آبي للاستقالة قبل سنة من انتهاء ولايته بعد تكبّد «الحزب الديموقراطي الليبرالي» الذي يقوده خسارة شائنة في انتخابات مجلس الشيوخ، في يوليو 2007، فبدا حينئذ مقتنعاً بأن مسيرته السياسية التي كانت واعدة في مرحلة سابقة وصلت إلى نهايتها.

لكنه عاد إلى رئاسة «الحزب الديموقراطي الليبرالي» بعد خمس سنوات ومهّد بذلك لعودة قوية وغير متوقعة إلى رئاسة الحكومة في ديسمبر 2012، ثم ترك آبي هذا المنصب أخيراً في سبتمبر 2020 بعدما شَغَله طوال سبع سنوات وثمانية أشهر، وفي المرحلة اللاحقة، أطلق آبي الفصل الثالث من مسيرته السياسية، فاكتسب نفوذاً استثنائياً للتأثير على وجهة الحكومة اليابانية.

كان آبي إذاً من أبرز الشخصيات المؤثرة في اليابان حين اغتاله قاتل بسلاح منزلي الصنع أثناء مشاركته في حملة انتخابية خاصة بمرشّحي «الحزب الديموقراطي الليبرالي» قبيل انتخابات مجلس الشيوخ في 10 يوليو.

قد يتّهم النقاد آبي باستغلال برنامج الحوافز النقدية «أبينوميكس»، الذي تزامن مع سياسة مالية توسعية ومجموعة من السياسات الصناعية والتنظيمية التي تهدف إلى تحويل الإنتاج إلى قطاعات متطورة تكنولوجياً وإبطاء تراجع اليد العاملة اليابانية، لإخفاء طموحاته السياسية الأخرى، لكن هذا البرنامج كان محاولة جدّية ومستدامة ومرنة لمعالجة تحديات النمو في اليابان، ولم يكن ذلك البرنامج التوسعي يخلو من التناقضات ولم يحقق نجاحاً مبهراً، لكنه أثبت إلى أي حد أصبح آبي ناضجاً في تفكيره. عندما كان مُشرّعاً مبتدئاً، لطالما ركّز على القوة العسكرية وجزءٍ من الموروثات الرمزية المشتقة من الاحتلال الأميركي لليابان، لكنه تعلّم أنه لا يستطيع إهمال الأسس الاقتصادية للقوة الوطنية بحلول ولايته الثانية كرئيس وزراء، ولضمان مستقبل اليابان في عالمٍ تحتدم فيه المنافسة، يحتاج الاقتصاد الياباني إلى ركيزة جديدة لتحقيق النمو.

لكن برنامج «أبينوميكس» كان جزءاً من الأسباب التي ساعدت آبي على إنهاء عهود قصيرة الأمد بعد أول ولاية له وفوزه في الانتخابات التي أطلقت ولايته الثانية، فقد ساهم ذلك البرنامج على الأقل في كبح سنوات من ركود الأجور، وحسّن أرباح الشركات والعائدات الضريبية، وأوصل أعداد السياح إلى مستويات قياسية، وخفّض معدل البطالة بدرجة غير مسبوقة.

كذلك، سمحت له مثابرته بتحقيق طموحاته القديمة، وأبرزها إنشاء مجلس للأمن القومي، وحصر القرارات البيروقراطية في مكتب رئيس الوزراء، وإعادة تفسير الدستور الياباني للسماح لقوات الدفاع الذاتي اليابانية بالمشاركة في جهود الدفاع عن النفس، حتى أنه أطلق محاولة جدّية لتعديل الدستور لكنه لم يحقق النجاح في نهاية المطاف.

على صعيد آخر، نجح آبي في تطبيق سياسة خارجية طموحة ساهمت في تقوية العلاقات الأميركية اليابانية وعمّقت روابط البلد مع شركائه الإقليميين، مثل الهند وأستراليا، فمهّد بذلك لنشوء الحوار الأمني الرباعي وقيادة دول جنوب شرق آسيا.

في غضون ذلك، لعبت اليابان دوراً قيادياً في جهود التكامل الاقتصادي الإقليمي والعالمي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الشراكة العابرة للمحيط الهادئ.

ثم ضعفت نجاحات آبي بدرجة معينة بسبب أزمة كورونا التي كبحت الإنجازات الاقتصادية وكشفت حدود الإصلاحات التي زادت قوة الدولة اليابانية، لكنه ترك وراءه نهجاً ناجحاً لاستعمال السلطة في الداخل والخارج حين قرر التنحي في أغسطس 2020 لأسباب صحية.

أخيراً، اكتسب آبي الدهاء السياسي والمكانة المرموقة اللازمة للتحول إلى قوة سياسية مؤثرة حتى يوم اغتياله، فقد اضطلع هذا الزعيم الياباني بأدوار محورية في النقاشات المرتبطة بالسياسات المالية والدفاعية. باختصار، لا مفر من أن يترك موت آبي فراغاً هائلاً في السياسة اليابانية، وعلى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا وزملائه أن يحاولوا سدّه في أسرع وقت.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …