الرئيسية / مقالات رأي / زيارة بايدن

زيارة بايدن

بقلم: عبدالله السويجي – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- ستحط طائرة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن بعد غدٍ في مطار بن غوريون في إسرائيل، ويقول جدول الزيارة إنه سيقوم في البداية بجولة على عدد من أنظمة الأمن الإسرائيلية، ويرجح المطّلعون أن تكون قاعدة البالماش الجوية الواقعة بالقرب من المطار، حيث سيشمل الكشف عن بطارية دفاع صاروخي من طراز القبة الحديدية، وسرّبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن بايدن سيعلن موافقته على بدء محادثات بين المجمع الصناعي العسكري الأمريكي ومسؤولين إسرائيليين حول شراء نظام الدفاع الجوي. وستشمل الزيارة فعاليات أخرى تنتهي بزيارة بيت لحم للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعدها سينطلق إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي.

 لا غرابة في أن يكون الجزء الأكبر من الجولة الشرق أوسطية مخصصاً لإسرائيل، بصفتها الحليف المركزي والأول لأمريكا في المنطقة والعالم؛ أمنها أولوية قصوى، وتفوّقها العسكري والاقتصادي ضرورة استراتيجية، وحمايتها تشبه حماية أي ولاية من الولايات الأمريكية، ووجودها أهم بكثير من وجود الفلسطينيين وقيام دولتهم.

 لهذا، لم تكن واشنطن جادة في يوم من الأيام في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ولا تعزيز الاقتصاد الفلسطيني في ظل سلطة فشلت هي الأخرى في بناء مؤسساتها وتنميتها وتطور مجتمعها. الولايات المتحدة تستخدم حق النقض ضد أي قرار يدين إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، حتى أنها لعبت دوراً غامضاً واتخذت موقفاً محيّراَ في موضوع استشهاد الإعلامية شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية، كعادتها تجاه أي قضية أو مشكلة تعرّض إسرائيل للمساءلة. ولا يتوقف الانحياز الأمريكي إلى جانب إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين، فهي حتى اللحظة تقف موقفاً غير مفهوم تجاه إيران وتطوير أسلحتها النووية، وتدخلها في القضايا العربية الداخلية، بل لا تقوم بأي رد فعل تجاه الحملة التركية في شمال سوريا، ولا تمارس نفوذها في حل الأزمة في ليبيا وترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

 لقد ساهمت هذه السياسة الأمريكية في إلحاق الضرر بمصالحها في المنطقة العربية، وبالموقف الرسمي والشعبي تجاهها، ويبدو مثلاً، أنها تغض الطرف عن تسليح إيران للحوثيين لإطالة أمد الحرب في اليمن، ما أدى إلى سوء فهم مع أطراف النزاع.

 إن زيارة بايدن تشبه زيارة ترامب وتشبه زيارة أوباما وبوش وغيرهم من رؤساء الولايات المتحدة، الذين ينفذون استراتيجية لا تأخذ في الاعتبار أمن حلفائهم في المنطقة، وهذا، ما سيسبب، على المدى المتوسط، ردات فعل قد تضر بالمصالح الأمريكية، خاصة أن واقع القطب العالمي الواحد لم يعد موجوداً، في ظل تنامي قوة الصين، وتحدي روسيا المعلن لأمريكا وحلفائها في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، ووجود التنظيمات المتشدّدة التي لا تزال تتحكّم ببعض المناطق في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، وعلى الرغم من مهادنة هذه التنظيمات لها إلا أن السحر قد ينقلب على الساحر في أي لحظة.

 تعلم الولايات المتحدة أن العالم العربي يقف خلف الفلسطينيين رغم كل المتغيرات، وتأييد العرب لإقامة دولة فلسطينية على حدود الأراضي 1967 يشكل أحد الثوابت، وخاصة المملكة العربية السعودية التي طرحت مبادرة الأرض مقابل السلام في قمة بيروت 2002، وأيدتها جميع الدول العربية، وتؤدي إلى إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس، وزيارة بايدن للسعودية ستكون فاشلة إن لم يحمل للقادة الخليجيين تأكيدات على إقامة دولة فلسطينية، إضافة إلى ضمان أمن الخليج ضد أي اعتداء خارجي بغض النظر عن مصدره.

 آن الأوان لتؤكد الولايات المتحدة جدارتها بأن تكون وسيطاً عادلاً للسلام، وزيارة بايدن فرصة مناسبة لذلك.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …