الرئيسية / مقالات رأي / السياسة الاقتصادية والتضخم

السياسة الاقتصادية والتضخم

بقلم: د. عبدالله الفرج – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – رفع مجلس الشورى الأسبوع الماضي إلى خادم الحرمين الشريفين قراراته، والتي تضمنت مطالبة المجلس لوزارة التجارة بإجراء دراسة لمقارنة أسعار السلع التموينية الأساسية في السوق المحلية بمثيلاتها في الأسواق الأخرى، وإمكانية تحديد مستويات الدعم الحكومي والإعفاءات الضريبية والجمركية لتلك السلع، وتفعيل ما جاء فيها.

وقد سبق وأن أشرت في مقال سابق إلى مطالبة مجلس الشورى لوزارة التجارة بتطوير الأدوات الرقابية والإجرائية لرصد أسعار السلع، بهدف دعم استقرار أسعار السلع التموينية والأساسية من خلال توسيع نطاق السلع التي يراقبها نظام الرصد الإلكتروني لتشمل جميع السلع وتفعيل آليات الرصد الفوري لها.

ولكن وللإنصاف، فإن المسألة لا تتوقف فقط على أداء وزارة التجارة ودورها في محاربة ارتفاع الأسعار، فالصورة أكثر تعقيداً من ذلك. فظاهرة التضخم مسألة ليست محلية، وإنما عالمية. فاقتصادنا لا يعيش دورة منفصلة عما يجري حوله. بالعكس، فهو مكشوف على السوق الخارجية بنسبة كبيرة، وذلك لأن النفط الذي نصدره لا تزال نسبته كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي. هذا بالإضافة إلى اعتماد اقتصادنا على الواردات. فنحن مرتبطون والحالة تلك بالاقتصاد العالمي الذي لا يعيش أفضل أيامه. فالمراكز الصناعية العالمية تعاني من مشاكل ضخمة، وقد اعتادت على حلها من خلال طباعة النقود غير المغطاة. وهذا يؤدي إلى التضخم في تلك المراكز، التي بدورها تصدره إلينا. من هنا، فإن جزءاً لا يستهان به من ارتفاع الأسعار الذي تشهده أسواقنا هو تضخم مستورد عبر قناة التجارة الخارجية.

ولذلك، فإن المسألة تتعدى إمكانيات وزارة التجارة وحدها. فالأمر يعتمد أيضاً على السياسة المالية والنقدية المتبعة، أي السياسة الاقتصادية. وأنا هنا لن أشير إلى السياسة المالية، ولكن السياسة النقدية سوف تميل للانكماش، مثلما هو عليه الحال في المراكز الصناعية، التي بادرت إلى رفع سعر الفائدة، من أجل خفض حجم السيولة المتداولة. فالسؤال هنا فقط، يدور عن نسبة ارتفاع سعر الفائدة على الريال، وفي ما إذا كانت بنفس نسبة ارتفاع سعر الفائدة على الدولار، وذلك بحكم الارتباط بين العملتين. 

إن المملكة تعيش ولله الحمد فترة رواج اقتصادي. فأسعار النفط تسجل باستمرار أرقام جديدة مرتفعة. وهذا ينعكس على العوائد التي نحصل عليها وعلى الإنفاق الحكومي بشقيه الاستثماري والاستهلاكي وهذا أيضاً له تكلفته. فهو يؤدي إلى ارتفاع حجم النقود المتداولة، أي السيولة. ولذلك فدعونا لا نضع كل اللوم على وزارة التجارة، التي تجد نفسها في مثل هذه الظروف بلا حول ولا قوة. 

وهذا، لا يعني إعفاء وزارة التجارة من مسؤوليتها، فهي بالتأكيد يمكن أن تلعب دوراً لا يستهان به في التخفيف من ارتفاع الأسعار التي نشهدها.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …