بقلم: إميل أمين – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – هل العالم مقبل على خريف غضب حقيقي يستبق شتاء صعباً، وما إذا سيكون شتاء اعتيادياً أم شتاء نووياً؟ تبدو ومن أسف كافة السيناريوهات الكارثية مفتوحة على مصراعيها، لا سيما في ظل انعدام أي رؤى تصالحية أو تسامحية في الملف الأوكراني، بل على العكس من ذلك، فإن هناك من يصب الزيت على النار.
وقت كتابة هذه السطور، كانت البنتاغون تعلن عن إرسال اثنين من أنظمة الصواريخ «ناسامز» أرض جو، و4 رادارات إضافية مضادة للمدفعية إلى أوكرانيا، ونحو 150 ألف طلقة مدفعية عيار 155مليمتراً، في أحدث شحنة أسلحة أميركية إلى أوكرانيا. تبدو الشحنة جزءاً من المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة التي تبلغ قيمتها نحو 820 مليون دولار، والتي تم الإتفاق عليها خلال قمة الناتو الأخيرة. من نافلة القول إن مثل هذا الدعم العسكري الأميركي والأوروبي للجانب الأوكراني، لا يعني الإ شيئاً واحداً، المزيد من تفاقم الصراع، ودفع الدب الروسي إلى ما قبل الخانة الأخيرة..ماذا عن ذلك المربع؟
تبدو روسيا وكأنها تضع وجه أوروبا أول الأمر أمام الحائط، عبر التلاعب بها طاقوياً إنْ جاز التعبير، فقد أوقف القيصر العمل عن خط أنابيب الغاز «السيل التركي»، للإصلاحات الدورية في الفترة من 21 -28 يونيو الماضي، كما أعلن عن إغلاق «السيل الشمالي -1» بالكامل للإصلاحات عينها من 11-21 يوليو الجاري.
أضف إلى ذلك، أصبح «السيل الشمالي -1»، وبسبب رفض شركة «سيمنس»خدمة المضخات، جراء العقوبات الغربية ضد روسيا، يوفر فقط 67 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، بدلاً من 167 مليوناً. لم يكتف بوتين بذلك، وإنما أصدر مرسوماً بتطبيق إجراءات استثنائية في قطاع الطاقة وتأميم شركة «ساخالين» لاستثمارات الطاقة لتصبح ملكاً لروسيا الاتحادية.
ما الذي يعنيه ذلك؟ بعبارات سهلة غير منمقة، سوف تفشل غالبية إن لم يكن كل الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا، قاطرة أوروبا الاقتصادية، عن تحقيق أهداف هذا الخريف، والمتمثلة في ملء خزانات الوقود بنسب تتراوح ما بين 80% إلى 90% من جراء إغلاق موسكو لأنابيب نفطها.
سيكون خريف أوروبا كارثياً، إذ يصعب أن تجد تعويضاً سريعاً عن غاز روسيا، وربما يصل الأمر بالأوروبيين، وفي ظل ارتفاع غير مسبوق، وندرة غير معهودة، إلى المفاضلة بين الغذاء والتدفئة مع دخول الشتاء، وضربات الجنرال الأبيض (الثلوج)، والتي لا تقل ضراوة عن نوايا الجنرالات الحمر. يكتب المحلل السياسي الروسي الشهير، الكسندر نازاروف عما ينتظر أوروبا من أوضاع مالية مؤلمة، وإفلاس لكثير من كبريات البنوك، وربما بعض دول الجنوب الأوروبي المأزومة من قبل يقول:«ستؤدي الأزمات السياسية الداخلية بسبب ارتفاع الأسعار إلى انتفاضات شعبية وانهيار للتحالفات الحاكمة واستقالة الحكومات».
السؤال الحيوي:«هل ستنجو أميركا من تبعات خريف الغضب؟ من أسف ربما يضحى الوضع هناك أصعب، وبخاصة في ظل تفاقم ما بات يطلق عليه الحرب الأهلية الباردة بين الأميركيين أنفسهم، والتي لن تنفك تتحول عند نقطة زمنية قريبة إلى حرب ساخنة من جراء التصارع الأيديولوجي، وما جرى من حول إلغاء قانون الإجهاض خير دليل على ذلك. من جهة ثانية فإن ارتفاع أسعار المحروقات في الداخل الأميركي، يجعل مجتمع الوفرة وربما للمرة الأولى منذ زمن الكساد الكبير، مجتمعاً يعاني من الكساد والتضخم. التساؤل الذي لا بد منه قبل الانصراف:«هل خريف الغضب يسبق الشتاء النووي؟» إلى قراءة قادمة بإذن الله.