افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – حاول رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أن يواجه الزلزال الذي ضرب حكومته بالعناد والمكابرة والإصرار على عدم الاستقالة، لكن شدة الزلزال كانت أكبر من قدرته على الصمود، فأذعن في نهاية الأمر واستقال، لكنه قرر الاحتفاظ بماء الوجه، معلناً الاستقالة من زعامة حزب المحافظين، والبقاء في منصبه حتى انتخاب بديل له.
وهكذا يكون جونسون قد كتب نهايته بيده، لكن قراره أثار اللغط لدى العديد من نواب حزبه الذين اعتبروا أن ما قام به خطوة تعتبر التفافاً على الاستقالة الفورية لأنها ستبقيه رئيساً للحكومة يقوم بتصريف الأعمال حتى الخريف القادم، ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء الأسبق جون ميجور الذي وصف خطوة جونسون بأنها «غير حكيمة ولا تطاق» واتهمه بـ«الاحتيال».
إذ لم يسبق لرئيس حكومة بريطانية أن واجه ما يواجهه بوريس جونسون من اتهامات بعدم النزاهة والفشل والخداع، وفقدان ثقة حزبه ومعظم أعضاء حكومته، بعد أن قدم أكثر من 53 وزيراً ومسؤولاً حكومياً استقالاتهم من مناصبهم، وسط دعوات له بالاستقالة، وكان قد أبلغ مجلس العموم والوزراء الذين نصحوه يوم أمس الأول بالتخلي عن منصبه بأنه لن يستقيل، و«لديّ تفويض ضخم من انتخابات 2019 وسأستمر».
خلال اليومين الماضيين، كرّت سُبحة الاستقالات من حكومته، وسعى إلى ترقيع ما يمكن ترقيعه، لكن يبدو أن «الخرق اتسع على الراتق»، وبات في مواجهة مأزق حقيقي، ما اضطره في نهاية الأمر إلى الرضوخ.
الصحف البريطانية كانت قد رسمت صورة كئيبة لنهاية جونسون. صحيفة «الإندبندنت» مثلاً وصفت جونسون بـ«المخادع والجريح»، وقالت إنه لا يوجد سبب وجيه لبقائه في السلطة. أما صحيفة «الفايننشال تايمز» فقالت إن «عهد جونسون في طريقه إلى النهاية، وكان من الأفضل للبلد أن ينتهي قبل أشهر». صحيفة «التايمز» قالت من جهتها «كل يوم يستمر فيه يعمق من الإحساس بالفوضى.. ولصالح البلاد يتعين عليه الرحيل».
.. مواقف الوزراء الذين استقالوا لم تكن أقل حدة في انتقاد جونسون، ودعوته للرحيل فوراً، وقال وزير الصحة ساجد جاويد ووزير المالية ريشي سوناك في بيان استقالتهما «الوضع في الحكومة أصبح صعباً لاستحالة الموازنة بين الولاء والنزاهة».
كما أن حزب العمال المعارض التحق بركب المنتقدين والداعين إلى رحيل جونسون، فقد أعلن زعيم الحزب السير كير كرامر أنه «بعد كل هذا التخبط والفضائح والفشل، من الواضح أن هذه الحكومة تنهار الآن».
من المفترض أن يجتمع حزب المحافظين لاختيار زعيم جديد خلفاً لبوريس جونسون، وهناك عدة مرشحين لهذا المنصب من بينهم وزير الصحة المستقيل ساجد جاويد، ووزير المالية ريشي سوناك، وسويلا برافرسان المدعية العامة لإنجلترا وويلز، ووزيرة التجارة بيني موردانت، إضافة إلى وزير الدفاع بن والاس، على أن يصبح الفائز رئيساً للحكومة، لكن ذلك لن يتم قبل أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ما يعني أن جونسون باقٍ في «10 داوننغ ستريت» حتى ذلك التاريخ، ما لم يطرأ جديد يغير الوضع.