الرئيسية / مقالات رأي / ارتدادات العقوبات

ارتدادات العقوبات

الشرق اليوم- كانت الدول الغربية تعتقد أن فرض العديد من حزم العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا سوف تجبر الرئيس فلاديمير بوتين على الاستسلام ورفع الراية البيضاء والانسحاب من أوكرانيا في أسرع وقت، نظراً لحجم هذه العقوبات التي يمكن أن تقوض الاقتصاد الروسي، وتنهك الجيش، خصوصاً أنها تطال عصب هذا الاقتصاد وهو النفط والغاز الذي يمثل الدخل الرئيسي الروسي.

 من الواضح أن هذه الدول أخطأت في حساباتها، ولم تدرك أن روسيا أيضاً كانت تعد كل خطط المواجهة ومن بينها الرد على العقوبات، وأن لديها ورقة رابحة أيضاً، وهي النفط والغاز، أي نفس السلاح الذي استخدم ضدها.

 بعد الحزمة الأولى من العقوبات قررت روسيا استيفاء ثمن النفط والغار بالعملة الروسية (الروبل)، كشرط للحصول عليهما، وقطعتهما عن الدول التي لم تلتزم بقرارها، وتمكنت بذلك من رفع قيمة عملتها الوطنية بشكل متسارع مقابل الدولار واليورو.

 إن سلاح النفط والغاز ذو حدين، لكن الحد الأكثر مضاء والتأثير هو الذي يطال دول أوروبا الغربية باعتبار الطاقة التي تعتمد عليها في تسيير اقتصادها مصدره روسيا، والبدائل غير متاحة حالياً.

 لقد كانت ألمانيا الاقتصاد الأقوى في أوروبا هي الأكثر تأثراً بارتداد تداعيات العقوبات؛ إذ تستورد ثلث نفطها و45 في المئة من فحمها وأكثر من 65 في المئة من غازها من روسيا، أي أن عجلة اقتصادها تعتمد على روسيا بشكل أساسي، إضافة إلى تشغيل معامل الكهرباء ومحطات الوقود.. وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك حذر خلال المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي عقد مؤخراً في دافوس من حدوث ركود عالمي. أما خبير الاقتصاد الألماني أكيم تروجرفقد حذر من تداعيات حظر الغاز الروسي لأن ذلك «سيؤدي إلى ركود عميق وانهيار الاقتصاد الألماني». وقال وزير المالية الألماني كريستيان لندنر إن ألمانيا «على حافة أزمة اقتصادية خطِرة للغاية»، داعياً الحكومة إلى استكشاف «كافة السبل لسد الفجوات في إمدادات الطاقة».

 كيث بويفيلد زميل معهد الشؤون الاجتماعية في لندن أكد بدوره أن أوروبا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة تواجه أزمة طاقة لا مفر منها وروسيا ستظهر عضلاتها، وأوضح أن «ألمانيا ليست لديها احتياطات ضخمة من الغاز، لذا فهي في ورطة، ولا يمكنها بناء سد لتوليد الطاقة الكهرومائية بين ليلة وضحاها، ولا محطة للطاقة النووية». وأشار إلى أن ألمانيا «تمر بكارثة ومهددة بشبح الظلام».

 بدأت الأزمة تلقي بظلالها على عامة الناس؛ حيث ارتفع سعر المحروقات بشكل مضاعف، كذلك ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وأطلقت دعوات للتقليل من الاستحمام والتدفئة. وهناك خوف من أن يتحول الشتاء إلى كارثة إذا لم يتم تدارك الأمر مع حاجة المواطنين إلى التدفئة في منازلهم بواسطة الغاز.

 والدول الأوروبية الأخرى ليست أفضل حالاً، لكن ألمانيا هي الأكثر تضرراً.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …