بقلم: أسعد عبود – النهار العربي
الشرق اليوم- تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة خطيرة جداً في ضوء توقف المفاوضات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. يأتي ذلك في ظل تصاعد عمليات الإستخبارات الإسرائيلية داخل طهران، في وقت تهدد إيران بالرد أو وصلت إلى حد الإعلان أنها ردت فعلاً داخل إسرائيل وليس في دولة ثالثة، وسط تحذيرات إسرائيلية متتالية من إحتمال أن تستهدف إيران إسرائيليين في تركيا.
وتتصرف إسرائيل على أساس أن المواجهة مع إيران هي مجرد وقت وأنها حاصلة لا محالة. وفي المقابل، تستعد إيران مع وكلائها في المنطقة لمثل هذه الحرب ولرد شامل على إسرائيل ومن أكثر من منطقة وربما من إيران نفسها في حال تعرض البرنامج النووي الإيراني لقصف إسرائيلي.
كذلك تطلق الولايات المتحدة سيلاً من التحذيرات. ففي آذار (مارس) 2022، لاحظ السناتور الديموقراطي جاك ريد خلال شهادة أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن “إيران قد حققت “تقدماً أساسياً … وخفضت الوقت الذي تحتاجه للوصول إلى العتبة النووية إلى أسابيع عدة بعدما كان سنة”، في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 التي تعرف إختصاراً بالإتفاق النووي. وفي نيسان (أبريل) الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، إن العتبة النووية لإيران “قد إنخفضت لأسبوعين”.
وفي 6 حزيران (يونيو) الجاري، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، إن إيران “قريبة جداً” من إجتياز العتبة النووية. كذلك أبلغ غروسي مجلس حكام الوكالة الدولية أن إيران قد جمعت فعلاً من الأورانيوم المخصب ما يكفي لصنع ثلاث قنابل.
الجدير بالذكر، أنه في عام 1981، قصف سلاح الجو الإسرائيلي بنجاح المفاعل النووي العراقي، وفي أيلول (سبتمبر) 2007، وجه الجيش الإسرائيلي ضربة للبرنامج النووي السوري. لقد كانت إسرائيل واضحة من أنها لن تتسامح مع حصول قوة معادية على سلاح نووي. لكن هذه المرة تختلف الأمور.
الوضع مختلف هذه المرة عما كان عليه في عامي 1981 و2007، إذ إن إسرائيل تواجه عقبات أمنية أكثر صعوبة، نظراً إلى وجود حلفاء لإيران في لبنان وغزة، كما أن فصائل موالية لطهران تنتشر في سوريا والعراق. وهذه الفصائل ستعمد إلى الرد على أي هجوم إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية.
وفي أيار (مايو) الماضي، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي مناورات تضمنت رحلات طويلة والتزود بالوقود في الجو. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن هذه التدريبات حاكت القيام برحلة إلى إيران من دون التزود بالوقود في الجو، فضلاً عن أنه يمكن تزويد هذه الطائرات بقنابل جديدة تزن الواحدة منها طناً.
وسط هذا الغليان، أعلن “الحرس الثوري” الإيراني الخميس الماضي استبدال رئيس دائرة الاستخبارات فيه حسين طائب، بعد قضائه 12 عاماً في المنصب. وتم استبدال رجل الاستخبارات القوي، في وقت قتل فيه خلال الأسابيع الأخيرة عدد من عناصر “الحرس الثوري”. ولا يمكن إلا الربط بين الإقالة ومقتل عدد من كوادر “الحرس” في الآونة الأخيرة في سلسلة من الحوادث نسبتها طهران إلى الإستخبارات الإسرائيلية. وكانت أبرز هذه العمليات إغتيال الكولونيل في الحرس الثوري صياد خدائي أمام منزله برصاص مسلحين كانا على دراجة نارية.
وفي هذه الأجواء من التوتر المتصاعد، إنهار الإئتلاف الحاكم في إسرائيل، التي ستذهب إلى خامس انتخابات في أقل من 3 سنوات. لكن هذا لا يلغي إمكان أن تعمد إسرائيل إلى شن هجوم على إيران في الفترة الفاصلة عن الانتخابات في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وكلما تأخرت فرص إنقاذ الاتفاق النووي في مفاوضات فيينا، كلما بدا أن الشرق الأوسط أشبه بحقل كبريت، يمكن أن ينفجر عند أدنى خطأ في الحسابات.
قد يشكل الهجوم الإسرائيلي الشرارة التي ستشعل حرباً لا يمكن التنبؤ بكيف ستنتهي؟.