بقلم: براهما تشيلاني
الشرق اليوم- بعدما أدى قتال الشوارع الليلي مع القوات الهندية طوال سنتين إلى مقتل أول عنصر في الصفوف الصينية منذ غزو فيتنام في عام 1979، لا تزال الجيوش الصينية والهندية عالقة في مواجهات متكررة بسبب مجموعة من أكثر المساحات الوعرة في العالم.
قد تغطي أحداث الحرب في أوكرانيا على الصراع الحدودي بين الصين والهند، بما في ذلك أكبر حشد للقوات المتناحرة في منطقة الهيمالايا، لكن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قال خلال حوار «شانغريلا» السنوي في سنغافورة، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي: «نحن ندرك أن بكين تتابع تعزيز موقعها على طول الحدود التي تتقاسمها مع الهند».
بعد احتدام المواجهة بين عشرات آلاف الجنود الصينيين والهنود، أصبحت مخاطر تجدد الاشتباكات، أو حتى الحرب المباشرة، أكبر من أي وقت مضى.
انعكست الأزمة الحدودية سلباً على الهند أيضاً، إذ لم يطلق البلد أي تحقيق حول التوغلات الصينية المتعددة وغير المتوقعة في وجه الجيش، علماً أن بعضها وصل إلى عمق الأراضي الهندية.
وتُعتبر الهند ثالث أكبر دولة تنفق على الدفاع في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين، إذ يستحوذ جيشها حتى الآن على حصة الأسد من الميزانية الدفاعية، لكن الجيش الهندي أغفل على مر السنين تحركات الصين وباكستان العابرة للحدود في مناسبات متكررة.
حين يطلق أحد الخصوم مفاجأة عسكرية من أي نوع، اعتاد الجنرالات في الجيش الهندي على الاختباء وراء القادة السياسيين ويختبئ السياسيون بدورهم وراء الجنرالات، مما يؤدي إلى غياب المحاسبة في جميع الحالات.
تحمّلت القوات الصينية أسوأ الظروف للتوغل في المساحات المحظورة، قبل إعادة فتح الممرات نتيجة ذوبان الجليد في العلاقات الثنائية، لكن الجيش الهندي تجاهل المؤشرات التحذيرية التي حملتها النشاطات العسكرية الصينية المتصاعدة بالقرب من الحدود، بما في ذلك تدريبات عسكرية شتوية واسعة قد تُمهّد لإطلاق عدوان آخر، ورغم ذلك لم يخسر أي قائد هندي في الجيش منصبه مع هذه الإخفاقات كلها، والأسوأ من ذلك هو إصرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على التزام الصمت بشأن الأزمة العسكرية في آخر سنتين. فضّل مودي أن يثق بالمفاوضات، فقد استعملت بكين محادثات غير مجدية لتضليل الهند تزامناً مع إنشاء بنية تحتية للحرب اعتبرها الجنرال تشارلز فلين، قائد وحدة الجيش الأمريكي في منطقة المحيط الهادئ، «لافتة» و«مقلقة».
انسحبت الصين من مواقع كانت قد استولت عليها سابقاً، لكنها حوّلت مناطق أخرى إلى معسكرات دائمة، حيث تسمح القوات الجاهزة للقتال والطرقات ومطارات المروحيات الناشئة حديثاً بتعزيز المواقع على الخطوط الأمامية بوحدات عسكرية جديدة في أسرع وقت.
كما يحصل في بحر الصين الشرقي والجنوبي، يريد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن تنتصر الصين في نهاية المطاف من دون خوض أي قتال، بل عبر استعمال أسلوب الإكراه بفضل قوتها العسكرية المنتشرة في تلك المنطقة، ويستحق مودي الإشادة لأن الهند تُصِرّ على منع تحقيق الهدف الصيني، فهو يتعهد بمتابعة المواجهات العسكرية، رغم زيادة مخاطر اندلاع حرب شاملة، إلى أن توقف الصين تجاوزاتها.
باختصار تقف الهند، أكبر ديموقراطية في العالم، على الخطوط الأمامية في المعركة المحتدمة بين الديموقراطية والاستبداد، وإذا نجحت الصين في إخضاع الهند، فقد تتمكن أكبر دولة استبدادية في العالم من فرض تفوّقها في آسيا وتعيد رسم النظام الدولي بما يصبّ في مصلحتها، ولا عجب في أن يقول وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في سنغافورة إن «قدرات الهند العسكرية المتوسّعة وبراعتها التكنولوجية قد تصبح القوة اللازمة لتجديد استقرار المنطقة».