الرئيسية / مقالات رأي / روسيا والإحباط الغربي

روسيا والإحباط الغربي

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – لا يغيب الشعور بالإحباط من طول الأزمة الأوكرانية عن مواقف الزعماء الغربيين الذين بدأوا يتخوفون من أن يستمر هذا الصراع سنوات، بعدما كانوا يأملون انتهائه خلال وقت وجيز. ويبدو أيضاً أن الدعم العسكري للقوات الأوكرانية لا يحقق النتائج المرجوة، وأن القوات الروسية لم تظهر قوتها الحقيقية في هذه المعركة، ربما لأنها تريد حرباً طويلة، تستنزف الغرب اقتصادياً وسياسياً، قبل أن تعلن النصر في أوكرانيا.

زعماء الولايات والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وحلف شمال الأطلسي لم يعودوا بكامل اللياقة السياسية التي كانوا عليها في الأسابيع الأولى للأزمة، وكأنهم بدأوا يقتنعون بأن سحابة قاتمة ستخيم على الوضع العالمي في الأشهر والسنوات المقلبة. وتترافق هذه التوقعات مع انطباعات بأن الصراع الدائر في أوكرانيا قد يطول سنوات وقد تمتد ألسنته إلى جبهات جديدة، ربما إحداها كالينيغراد الروسية التي انفجرت فيها أزمة مفاجئة. ولن يكون التوتر المفترض على علاقة مباشرة بروسيا؛ بل إن هناك بين دول أوروبية عديدة الكثير من الصراعات الخامدة، وقد تنفجر في أي لحظة مدفوعة بجو مشوب بالخوف من المجهول، وتهديدات تتجلى في أكثر من صعيد، على الرغم من التأكيد الكبير على وحدة الموقف والرغبة الطاغية في إحباط الخطط الروسية المعلنة والخفية.

عندما يقول رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إن حالة من السأم والملل من الأزمة الأوكرانية بدأت تدب في الأوساط العالمية، ويوصي قائد عسكري كبير جيش المملكة المتحدة بأن يستعد لمواجهة القوات الروسية في البر الأوروبي، وعندما يتخوف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتبنرغ من «صدام غير مقصود» مع موسكو، تؤكد هذه المواقف كلها أن هناك درجة عالية من القلق لدى المعسكر الغربي، ولدى روسيا أيضاً، كما أن هناك دولاً مذعورة من أي انفلات مفاجئ قد لا يفلح معه التبرير، ولا تتداركه القنوات الدبلوماسية. وتبقى أهم نتيجة تحققت في الأسابيع الأخيرة، تتعلق بمشاعر الإحباط العارمة التي تسيطر على الساسة الغربيين، بسبب عدم توفر أي مؤشر واضح على أن المعركة الدائرة في أوكرانيا قد شارفت على نهايتها.

وفي خضم المواقف المتضاربة بين التشاؤم والتفاؤل والخوف والطمأنينة، يبرز هذا الإحباط وكأنه أحد الأهداف الاستراتيجية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. فمع بدء الأزمة كان المسؤولون الغربيون يتوقعون عملية روسية خاطفة، وأكدوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد ضرب وحدة الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، ولكن بدا أن من خطط في موسكو لهذه المعركة لم يكن يريدها سريعة ومدمرة، لأن أهدافها الحقيقية ليست في أوكرانيا، وإنما بين الخصوم الغربيين، وما لم يتحقق بسرعة ربما يكون وفق خطة تعتمد التباطؤ العسكري والتسويف السياسي، وهذه النقطة الجوهرية ربما سيأتي الوقت لتنكشف وتظهر أنها كانت استراتيجية مدروسة، وليست نتيجة خطأ في التقدير أو عدم كفاءة في الفعل.

خلال الأيام المقبلة ستشهد أوروبا اجتماعات وقمماً ستبحث الأمن العالمي في أبعاده كافة، وهذه القمم ليست لتقييم ما تم إنجازه، وإنما للنظر في المعطيات الطارئة، واستشراف مآلات الأزمة الشاملة مع روسيا مع الحرص على تجنب أي خطأ قد يؤدي بالجميع إلى مأزق تاريخي خطر.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …