بقلم: خالد الربيش – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – تظل تباشير التفاؤل والأمل في جولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الخارجية، التي حمل خلالها تطلعات شعبه وأمته في تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، وترسيخ التشاور والتفاهم معها، بالحد الذي يحقق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة كافة، رغم تحديات المرحلة الراهنة، وما يشهده العالم من تنافر وتجاذبات وتحالفات عسكرية، تربك أي حسابات، ويتوقع معها وقوع الأسوأ دائماً.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يبدأ سمو ولي العهد جولته إلى دول في منطقة الشرق الأوسط، بمصر، تلك الدولة التي تشارك المملكة مهمة حماية مكتسبات الأمتين العربية والإسلامية، والدفاع عن دول المنطقة، وقيادتها إلى بر الأمان، وبخاصة في أوقات الأزمات الدولية، التي تجسدت باشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما ينجم عنها من تداعيات غير مضمونة العواقب على المنطقة والعالم.
الزيارة عكست حرص ولي العهد على أهمية العلاقات مع القاهرة دون سواها، ودور هذه العلاقات في تحقيق عمق استراتيجي في المحيطين الإقليمي والعربي، وهو ما يدركه العالم جيداً، ويرى معه أن الرياض والقاهرة تمثلان رمانة الميزان في المنطقة، بما يتحملانه من مسؤولية كبيرة وتاريخية في حفظ الأمن العربي والإسلامي، من خلال تحالفات وتفاهمات تزداد قوةً ورسوخاً بمرور الزمن.
ويشهد التاريخ والواقع، بأن المملكة لطالما كانت حريصة على التنسيق الدائم والمستمر مع مصر، ويكفي للتأكيد على هذا المبدأ، وصول عدد زيارات ولي العهد إلى القاهرة خلال السنوات الخمس الماضية، إلى أربع مرات، وكانت آخر قمة جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال شهر مارس الماضي في الرياض، بخلاف اللقاءات غير الرسمية بينهم، يضاف إلى ما سبق، أن ولي العهد يولي اهتماماً خاصاً بمصر، ويأتي ذلك استمراراً لدور الرياض المحوري في دعم القاهرة في مختلف المجالات، وحرصها على أمنها واستقرارها، وتجلى ذلك في العديد من المواقف التاريخية والدعم السياسي السعودي الدائم لمصر.
ورغم المشهد المعقد في المنطقة، واستحواذ الجانب السياسي في لقاء ولي العهد مع الرئيس المصري، إلا أن الاقتصاد كان له نصيبه الوافر خلال الزيارة، التي اعتمدت على متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتجلى ذلك في إعلان صندوق الاستثمارات العامة، ضخ استثمارات تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، بالتعاون مع صندوق مصر السيادي، بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، والإسهام في توسيع أنشطتهما واستثماراتهما في الدول الأخرى على المستويين الإقليمي والدولي.
ولم يقتصر الأمر على ما سبق، فهناك ارتباط قوي بين الرياض والقاهرة، أثمر عن علاقات تجارية متنامية، بلغ معها حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الست الماضية (2016 – 2021) 179 مليار ريال، وتنامي حجم الصادرات السعودية غير النفطية إلى مصر بنسبة 6.9 % خلال العام 2021 مسجلا 7.2 مليارات ريال.
ولا يمكن الجزم بأن هذه الأرقام ستقف عند حد معين، فهي مرشحة للنمو والانطلاق، اعتماداً على أواصر القربى بين الشعبين الشقيقين، وشعورهما بأن مصيرهما واحد، وأن التحالف والتكامل بينهما، كفيل بتجنيب المنطقة الكثير من الأضرار.