بقلم: د. فهد محمد بن جمعه – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – يقول الخبراء إن هناك تغيراً جذرياً في سلوك الرئيس جو بايدن والذي يظهر أنه مستعد لوضع المصالح الأمريكية قبل الأيديولوجية الشخصية، وذلك بعد قطيعة شخصية دامت لأكثر من سنتين والآن يمد غصن الزيتون إلى المملكة لإيجاد مخرج لبلاده من أزمة الطاقة، حسب رويترز 11 يونيو 2022. فلم يعد للأيديولوجيات الشخصية الأمريكية “الأوبامية ” و”البايدنية” دوراً فعالاً في الشرق الأوسط في ظل عدم الاستقرار التي أحدثته في وقتها والانسحاب التدريجي من المنطقة.
كما أن الولايات المتحدة لم تعد تحرص على أمن حلفائها كما كان في الماضي والشواهد على ذلك كثيرة. فمازال برنامج إيران النووي والصاروخي والميليشي بين المد والجزر ويمثل تهديداً حقيقياً لدول الخليج ولا يمكن تجاهله بل يجب أخذه في الحسبان.
إن أيديولوجية “أوبك+” اقتصادية بحتة بعيدة كل البعد عن الأيديولوجيات السياسية والشخصية ذات الأجل القصير، لهذا حققت “أوبك+” نجاحات كبيرة خلال أزمة كوفيد-19 بإنقاذ أسعار النفط من الانهيار بخفض إنتاجها ثم زيادته مع تلاشي الجائحة وارتفاع الطلب العالمي على النفط من خلال مراقبتها للأسواق واجتماعاتها الشهرية والمحافظة على توازن أسواق النفط العالمية. وبهذا تسود أفضل الأسعار الممكنة للمستهلكين وتحفز المنتجين على زيادة استثماراتهم، النفطية، مما يسهم في استمرار إمدادات الطاقة واستدامة أمنها وتنوعها ودعم التحول المتدرج الى الطاقة المتجددة. رغم هذه الأيديولوجيات التي تحارب النفط وتدعو إلى التخلص منه في غضون سنوات قليلة، مما نتج عنه شح في المعروض وارتفاع في أسعار الوقود.
وبهذا تقوم العلاقات الدولية على استراتيجيات الشراكات طويلة المدى لتعظيم مصالحها، فكلما تعددت وتنوعت هذه العلاقات كلما ارتفعت القيمة المضافة لها في وقت السلام والأزمات. لقد استطاعت السعودية تقوية علاقتها مع روسيا وأصبحت شريكاً أساسياً في اتفاقية “أوبك+” وهي أكبر ثاني منتج للنفط في المجموعة، وكذلك علاقاتها التجارية مع الصين أكبر ثاني اقتصاد في العالم وأكبر مستورد للنفط السعودي. وهذا لا يلغي دور الولايات المتحدة الأمريكية أبداً، حيث إنها دولة عظمى والأكبر اقتصاداً في العالم وتربطها علاقات تاريخية مع المملكة على مدى 8 عقود، وبغض النظر عن من يرأسها فمدته 4 أو 8 سنوات ثم تتبدل السياسات الخارجية والاقتصادية. وبهذا تصبح مصالح المملكة الاقتصادية والأمنية أهدافاً أساسية متبادلة من أجل الاستقرار والازدهار.
فإن على بايدن إعادة حساباته وأن يدرك جيداً ما تتمتع به المملكة من ثقل اقتصادياً وسياسياً في الشرق الأوسط وقدرتها على التأثير المباشر وغير المباشر على العديد من القضايا العالمية، مما يتطلب تعزيز استراتيجية الشراكة بين البلدين ومن أهمها أمن المنطقة واستقرارها وسلامة إمدادات النفط، حيث إن أمن الطاقة أهم من استمرار ارتفاع أسعارها والذي يخضع لأساسيات أسواق الطاقة. أما ارتفاع أسعار الوقود في بلاده فيعود إلى أيديولوجيته وسياساته ضد شركات النفط وفرض الضرائب، مما رفع معدل المخاطرة ودفعها إلى التركيز على الأرباح بدلاً من زيادة إنتاجها وطاقاتها التكريرية وخفض صادراتها، ومع ذلك مازالت أسعار النفط أقل من أسعار الغاز والفحم التي تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات.