بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – في خضم صراع يزداد ضراوة مع قيادة الكرملين في أوكرانيا، ونزاع مؤجل مع القيادة الصينية، سعى الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى حشد مزيد من الداعمين الجدد في القارة اللاتينية لمواقف التحالف الغربي من خلال استضافة قمة لزعماء أمريكا الجنوبية استمرت أسبوعاً بمدينة لوس أنجلس الأمريكية.
وتأتي خطوة الرئيس الأمريكي في إطار الخطط التقليدية المؤسسة على محاولة إضعاف الخصوم عبر تحييد حلفائهم الظاهرين والمحتملين وإخراجهم من حلبة الصراع، مع بذل الجهود لحسم خيارات الأطراف المحايدة في الصراع والحصول على ولائها. وتبذل الدول ضمن هذه الاستراتيجية، جهوداً دبلوماسية وسياسية عناصرها الإغراء والتهديد والحوافز والعقوبات.
وخاطب كبار المسؤولين الأمريكيين خلال القمة، هموم القارة اللاتينية الأشد حساسية والمتمثلة في قضية الهجرة وتفشي الفقر، وضعف التنمية وغياب رأس المال الغربي، علاوة على انتشار العنف والكوارث الطبيعية الناجمة عن المناخ المتطرف. وقال بايدن، إن على الأمريكيتين أن تشكّلا المنطقة «الأكثر استشرافية وديمقراطية وازدهاراً وسلاماً وأمناً في العالم».
وعرضت الولايات المتحدة مشروعاً للشراكة الاقتصادية مع دول القارة بديلاً لحركة الاستثمار الصيني، حيث تعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري لدول القارة اللاتينية. وفي محاولة لتحدي النموذج الصيني، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن إدارته ستضغط لإجراء «إصلاحات جوهرية» في بنك التنمية للبلدان الأمريكية، الذي تعد واشنطن أكبر مانح فيه، ليساعد الدول ذات الدخل المتوسط التي لا تعد فقيرة بما فيه الكفاية لتستحق قروضاً ميسّرة.
وقالت نائبة الرئيس كامالا هاريس، إن جهود إدارة بايدن لجذب الاستثمار إلى أمريكا الوسطى أثمرت توفير 3.2 مليار دولار من التزامات القطاع الخاص. وأضافت: «نحن نعلم بأن الشعب الأمريكي سيستفيد من وجود جيران مستقرين ومزدهرين، وعندما نوفر فرصة اقتصادية للناس في أمريكا الوسطى، فإننا نعالج دافعاً مهماً للهجرة».
كما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستستقبل 20 ألف لاجئ من القارة الجنوبية في عامي 2023 و2024؛ أي ثلاثة أضعاف عدد اللاجئين الذين تم استقبالهم هذا العام. وخصصت إدارة بايدن مساعدات إنسانية بقيمة 314 مليون دولار للمهاجرين.
ولكن على الرغم من كل ذلك يبقى السؤال المهم: إلى أي حد كانت خطة بايدن الخاصة باحتواء دول القارة الجنوبية، وإعادة موضعة النفوذ الأمريكي في مواجهة التغلغل الصيني السريع، فعالة في تحقيق أهدافها؟.
في البداية لابد من تقرير الحقيقة التاريخية التي تقول إن الولايات المتحدة أعلنت منذ قرنين من الزمن القارة الجنوبية منطقة نفوذ حصري لها، بموجب المبدأ الذي أرساه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو.
وربما في هذا الإطار جاء رفض بايدن، مشاركة ثلاث من دول القارة ذات التوجهات الاشتراكية في اجتماعات القمة، وهي كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا. واحتجاجاً على هذا الاستبعاد، قاطع رؤساء المكسيك وبوليفيا وهندوراس، القمة، كما اختار رئيس غواتيمالا عدم حضورها. وأعطت الخطوة الأمريكية ورد الفعل اللاتيني، صورة لبداية متعثرة لأعمال القمة. وقال خبراء إن نتائج القمة كانت متواضعة إلى حد كبير، على الرغم من حجم المشاركة الواسعة والآمال المعقودة عليها.