بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها فرنسا يوم الأحد الماضي تقدمًا طفيفًا لحزب الرئيس ماكرون (النهضة)، إذ حصل على 25.7% من أصوات الناخبين، في حين حصل حزب «الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد» بزعامة «جان لوك ميلنشون» على 25.6% من الأصوات، في تقاسمٍ واضح للصدارة. وقد حلّ حزب اليمين المتطرف «التجمع الوطني» الذي تقوده مارين لوبان ثالثًا، وحصل على 18.7% من الأصوات، وحل حزب الجمهوريين رابعًا بعد أن تصدر الحياة السياسية الفرنسية لما يقرب من نصف قرن، وحصل على 10.4% من أصوات الناخبين.
أما حزب «الاسترداد» (في أقصى اليمين المتطرف) بزعامة إريك زامور، فلم يتجاوز عتبة الـ4% من الأصوات، وفشل في التأهل إلى جولة الإعادة بعد أن حل ثالثًا وراء مرشح حزب «النهضة» الحاكم وحزب «التجمع الوطني».
واللافت أن زامور نال مع بداية صعوده العام الماضي بريقًا كبيرًا سرعان ما خفت مع انتخابات الرئاسة التي حل فيها رابعًا، بعد أن اكتشف قطاع واسع من الفرنسيين أن كثيرًا مما يقوله فج ومتطرف وغير قابل للتطبيق، وأن إساءاته غير قابلة للإصلاح، خاصة أنها طالت دين الإسلام الذي يعتنقه 6 ملايين فرنسي، فيصبح التجاوز هنا لا يتعلق بمهاجرين غير شرعيين أو مسلمين متطرفين، إنما لعقيدة ودين لا يمكن تغييره، ولا يمكن طرد معتنقيه من فرنسا لأن أغلبهم أصبحوا مواطنين فرنسيين. ومن هنا فإن أهمية وميزة الحملات الانتخابية أنها كاشفة، وكثيرًا ما ترفع مرشحًا وتدفعه للأمام، أو تعود به للخلف كما حدث مع زامور.
وعرفت الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية مقاطعة قياسية، بلغت 52.80%، وهي أكبر نسبة عرفتها فرنسا منذ عقود، فالانتخابات التشريعية التي جرت في 2017 عرفت نسبة مقاطعة قُدرت بـ51.30%، في حين شهدت انتخابات 2012 مقاطعة 42.78% من الناخبين.
التحليلات التي خرجت من فرنسا حول أسباب المقاطعة كثيرة، أبرزها: إحساس قطاع واسع من الفرنسيين بعدم جدوى المشاركة في الانتخابات، خاصة أن مشاكلهم الرئيسية لم تستطع الأحزاب حلها، مثل تراجع القوة الشرائية (أعطاها 53% من الفرنسيين الأولوية)، كما اعتبر 35% من الفرنسيين النظام الصحي من ضمن أولويات مشاكلهم، وجاءت الهجرة في مرتبة تالية بنسبة 22%.
يقينًا، جولة الإعادة التي ستجري يوم الأحد القادم ستكون حاسمة، والمتوقع أن يتصدر حزب النهضة الذي يقوده الرئيس الفرنسي هذه الانتخابات، ولكنه لن يستطيع أن يؤمن الأغلبية المطلقة التي حصل عليها في انتخابات 2017.. بما يعني أن فرنسا قد تشهد ما يُعرف بـ«التعايش» بين رئيس جمهورية من توجه سياسي معين ورئيس حكومة من توجه مخالف، كما جرى في 1988 بين رئيس الجمهورية الاشتراكي فرانسوا ميتران ورئيس حكومته الديجولي جاك شيراك، وهذه المرة ستكون البلاد في وضع اقتصادي وسياسي أصعب بكثير مما سبق.