الرئيسية / مقالات رأي / لهذا السبب لا تبث “فوكس نيوز” جلسات التحقيق في أحداث الكابيتول

لهذا السبب لا تبث “فوكس نيوز” جلسات التحقيق في أحداث الكابيتول

بقلم: نوا بيرلاتسكي  – إندبندنت عربية 

الشرق اليوم – تسير الفضائح السياسية بديناميكية يمكن تخمينها: السياسي يفعل شيئاً سيئاً، ثم يحاول السياسي التستر على فعلته بينما تحاول وسائل الإعلام فضح القصة. حدثت  الأمور بهذا التسلسل في فضيحة “ووترغيت” الشهيرة. وهذا ما حدث بشكل أو بآخر في قضية “إيران كونترا” [التي عقدت بموجبها الحكومة الأميركية تحت إدارة الرئيس ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بأسلحة متطورة كانت إيران  بحاجة إليها أثناء حربها مع العراق وذلك لقاء إطلاق سراح بعض الأميركيين الذين كانوا محتجزين في لبنان]. وهو أيضاً ما حدث حتى مع غزو جورج دبليو بوش للعراق، حيث أفضى التسرب المستمر للمعلومات إلى الكشف عن خداع الإدارة وعدم كفاءتها الذي أدى في النهاية إلى تحول البلاد إلى ضفة مناهضة الحرب.

لكن بفضل الهيمنة المتزايدة لوسائل الإعلام اليمينية شديدة التحزب، غالباً ما تتخذ الفضائح مساراً مختلفاً هذه الأيام. الآن، عندما يرتكب السياسيون المحافظون فظاعة ما، فإن “فوكس نيوز” والمحطات التي تنتهج نهجها وتمتلك عقلية مماثلة، لا تحاول كشف الحقيقة. بل تهرع للتستر عليها.

خذوا مثلاً رد فعل وسائل الإعلام اليمينية على تمرد 6 يناير (كانون الثاني). تبدأ لجنة مجلس النواب التي تحقق في الهجوم على مبنى الكابيتول جلسات الاستماع يوم الخميس. ومن المتوقع أن تدرس اللجنة ممارسات الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين جمهوريين رفيعي المستوى في تشجيع أعمال شغب مسلحة هددت حياة المشرعين وحاولت تقويض فوز جو بايدن الانتخابي.

تقدم معظم الشبكات الإعلامية تغطية حية ومستمرة لجلسات الاستماع، لأنها حدث إخباري رئيس ومهم. إنها تريد إعطاء الجمهور فرصة لمتابعة إجراءات الدعوى وحصولهم على المعلومات بأنفسهم.

على كل حال، تسلك شبكة “فوكس” مساراً مختلفاً. لا تُبث الجلسات مباشرة في أوقات الذروة. بدلاً من ذلك  تنقلها عبر “قناة فوكس بزنس” التابعة لها. وفي حين يبلغ عدد مشاهدي قناة “فوكس نيوز” 3 ملايين شخص في الليلة  بحسب المراسل الإعلامي في قناة “سي أن أن” بريان ستيلتر، فإن حوالى مئة ألف مشاهد فقط يتابعون “فوكس بزنس”.

تبث “فوكس” برنامجاً خاصاً عن جلسات الاستماع في الساعة 11 مساءً – في وقت متأخر يضمن أن غالبية مشاهديها قد خلدوا إلى النوم. كما يقوم مقدمو الأخبار العاديون فيها – تاكر كارلسون وشون هانيتي ولورا إنغراهام –  بتغطية أخبار جلسات الاستماع عندما يشعرون أن هناك ما يبرر ذلك. بعبارة أخرى، سيقوم المعلقون اليمينيون المتطرفون بانتخاب مقاطع صوتية معينة من جلسات الاستماع لتحصين مشاهديهم ضد الحصول على أي معلومات فعلية.

هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها “فوكس” تضليل مشاهديها بشأن التمرد. في الواقع، عمل مذيعو “فوكس” وخبراؤها بجد على نشر نظريات المؤامرة حول الانتخابات، وتمهيد الطريق للتمرد.

بعدما أعلنت “فوكس” وجميع الشبكات الرئيسة الأخرى رجوح كفة جو بايدن في الانتخابات، أصر دونالد ترامب على أن النتائج كانت مزورة ورفض التنازل. بالنظر إلى الأوامر الموجهة التي أصدرها ترمب، قامت “فوكس” بعدها بتجاهل تقاريرها الخاصة كي تكذب لصالح زعيمها. في الأسبوعين التاليين للانتخابات، شكك المعلقون على الشبكة في نتيجة الانتخابات 774 مرة على الأقل.

قبل ثلاثة أيام من العصيان، قال مقدم البرامج في “فوكس” مارك ليفين لمشاهديه: “إذا لم نقاتل في 6 يناير على أرض مجلس الشيوخ ومجلس النواب – حيث يعقد اجتماع مشترك للكونغرس بشأن هؤلاء الناخبين – فقد انتهى أمرنا”.

من ناحية أخرى، انسحب كريس والاس مذيع الأخبار في “فوكس” من الشبكة لأنه شعر بالاشمئزاز من مزاعم تاكر كارلسون التآمرية التي لا أساس لها من الصحة بأن ما حدث في 6 يناير كان حدثاً مفتعلاً من قبل اليسار، في حين أظهرت جميع التقارير أن من قام بالتمرد هم أنصار ترمب الذين أرادوا قلب نتائج الانتخابات. رفعت شركة أنظمة دومينيون الانتخابية  دعوى قضائية ضد “شبكة فوكس” بتهمة التشهير لأن خبراء الشبكة زعموا أن الشركة استخدمت آلات التصويت الخاصة بها لتزوير انتخابات 2020.

إذن، عندما ترفض “فوكس” تغطية الجلسات المتعلقة بأحداث 6 يناير مباشرة، فإنها تمنع مشاهديها جزئياً من معرفة كيف قامت الشبكة نفسها بتضليلهم. ربما تمنع “فوكس” مشاهديها من سماع أدلة تتعلق بمقدمي البرامج المباشرة فيها. قام المذيعون لورا إنغراهام وبريان كيلميدي وشون هانيتي بإرسال رسائل نصية إلى ترمب أثناء التمرد، متوسلين إياه أن يستنكر العنف قبل محاولة تفسير فشله في القيام بذلك في برامجهم.

خلال تلك الأزمة الوطنية، سارعت الشخصيات العاملة في “فوكس” إلى تقديم المشورة السياسية للرئيس على انفراد، ثم تعمدت تضليل المشاهدين ليس فقط حول أحداث ذلك اليوم، ولكن حول آرائهم الشخصية في تلك الأحداث. هذا ليس عملاً صحافياً. إنه في أحسن الأحوال، صلات يمينية.

يثق نحو 43 في المئة من الأميركيين البالغين بشبكة “فوكس”، مقارنة بالشبكات الأخرى. لكن الدراسات أظهرت أن الأشخاص الذين يشاهدون “قناة فوكس” أقل دراية من الأشخاص الذين لا يشاهدون أي أخبار على الإطلاق. هذا ما يمكن للمرء أن يتوقعه من شبكة تحاول بشكل منهجي منع مشاهديها من اكتشاف الحقيقة بشأن القادة السياسيين.

بالكاد تتظاهر “فوكس” بالانخراط في الصحافة. إنها غير مهتمة بمحاسبة السياسيين اليمينيين. على العكس من ذلك، فقد شاركت بفاعلية في نشر نظريات المؤامرة التي ألهمت أحداث 6 يناير. وهي الآن تحاول إخفاء أدلة تواطؤ الجمهوريين في التمرد عن مشاهديها.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …