بقلم: هدى رؤوف – اندبندنت عربية
الشرق اليوم- هددت إيران بتقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا صدر قرار ضدها في مجلس محافظي الوكالة، كما عقد متحدث الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، مؤتمراً صحافياً في طهران في الـ 9 من مايو (أيار) 2022، واتهم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، بكتابة تقرير “مستعجل ومتحيز وغير دقيق” ضد إيران. وقال إن طهران والوكالة الدولية “ما زالتا تعقدان جولة ثالثة من الاجتماعات”. وأضاف أن طهران تناولت بالفعل المسائل الفنية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبراً أن الاتهامات في الوكالة “متأثرة بإسرائيل”، فقد زار غروسي تل أبيب أخيراً، والتقى رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
وفي حين هددت إيران مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال جرى استصدار تقرير يدينها، اتخذت قراراً اعتبرته رداً على تقرير الوكالة، وأنه سيعمل على التأثير في المفاوضات النووية، فقد سبق كجزء من اتفاق سابق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن وافقت طهران على مواصلة تسجيل العمل في مواقعها النووية مع الاحتفاظ بالتسجيلات حتى يوافق المفاوضون على الاتفاق النووي، إذ إن إيران عضو في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لكنها وقعت أيضاً على بروتوكولات إضافية، وتسمح بإجراء عمليات تفتيش أعمق، بسبب خطة العمل الشاملة المشتركة. يتمثل الموقف الإيراني في أنه إذا لم يتم تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، فينبغي عليها تقليل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل وتكيف انتهاكاتها للاتفاق.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، تحدث إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، حول المحادثات النووية في فيينا، لكنه حذر أن الدول التي تطالب بإصدار قرار من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران “ستكون مسؤولة عن كل العواقب”، وأن إيران ترحب باتفاق جيد وقوي ودائم، ويمكن أن يحدث ذلك إذا كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث واقعية.
تحاول إيران الربط بين تعاونها مع الوكالة الدولية ومسار مفاوضات فيينا المتوقفة، ليبدو الأمر وكأن المسالة بين إيران والوكالة، في حين أنها ترتبط بعلاقة طهران بالولايات المتحدة. ومن ثم قامت إيران بعد استصدار الوكالة الدولية تقريراً تدين فيه عدم تعاون طهران مع مفتشي الوكالة بزيادة الإجراءات التصعيدية، فأغلقت بعض الكاميرات في منشأة نووية رداً على مشروع القرار الذي انتقد طهران وكانت قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال بيان صادر عن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEO) إنه في حين أن إيران لديها تعاون واسع النطاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، فإن تعاونها كان بسبب نواياها الحسنة والوكالة الدولية للطاقة الذرية افترضت أن هذا التعاون كان “واجب إيران”. لذا، قررت طهران إغلاق كاميرتين تابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراقب التخصيب عبر الإنترنت.
كما أكد متحدث منظمة الطاقة الذرية القرار الإيراني، معتبراً أنه رد على مشروع قرار الوكالة الدولية، ومن ثم قررت إيران إزالة كاميرات المراقبة. تروّج طهران أن تعاونها مع الوكالة الدولية كان تطوعياً وتجاوز البروتوكولات الإضافية التي وافقت عليها من قبل من أجل ترسيخ حسن النية.
واتهمت إيران الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث بتحريض الوكالة ضدها. فوفقاً للترتيبات السابقة، اتفقت طهران والوكالة على أن تستمر كاميرات الأخيرة في تسجيل الأنشطة في المواقع النووية، لكن إيران ستحتفظ بالفيديو حتى يجري إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وإزالة العقوبات الأميركية. ومع ذلك، وصلت المفاوضات في فيينا إلى طريق مسدود، بسبب تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية.
وكانت المواجهة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تختمر منذ فترة، وتعهدت طهران بالرد على قرار الوكالة المقترح بشأن التعاون الإيراني. وفي إطار ردود الفعل الداخلية، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، وحيد جلال زاده، أن الأنشطة الإيرانية السلمية لم تسفر عن نتائج، وربما يحاول البرلمان في إطار ممارسة تعنت شكلي أن يصدر بعض المطالب من حكومة إبراهيم رئيسي لإبراز تعنت وتشدد داخليين في مواجهة الغرب، وذلك للضغط من أجل ابتزاز واشنطن ودفعها إلى الموافقة على المطلب الإيراني الخاص بإزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.
ربما تذهب إيران في ابتزازها للغرب إلى التلويح بإمكانية ترك معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقّعت عليها عام 1970. المسألة الإيرانية ليست دالة في العلاقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقاريرها الفصلية، بل هي خاضعة لتأثيرات العلاقة بين إيران والولايات المتحدة والمطلب الإيراني الذي رفضته الأخيرة، وأعاق استكمال جولات مفاوضات فيينا الأخيرة.