الرئيسية / مقالات رأي / صراعات تنذر بالخطر

صراعات تنذر بالخطر

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- تصاعد التوترات الأمنية في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ، وتوالي الاستعراضات العسكرية بين القوى المتنافسة، يؤكدان استنتاجات سالفة بأن الأوضاع لا تتجه إلى التهدئة، وأن احتمال انفجار مفاجأة غير سارة أمر محتمل ويقترب من تصعيد إلى آخر، في ظل التداخل المعقد للأزمات، وغياب التواصل الإيجابي وتعطل الآليات الدبلوماسية.

أكثر من حادث عسكري وقعت في الأيام الماضية بين الصين وكل من أستراليا وكندا، كادت في أحدها أن تسفر عن خسائر بعد أن اتهمت كانبيرا وأوتاوا بكين بتعريض مقاتلتيهما للخطر فوق مياه دولية، وهو ما رفضته الخارجية الصينية بشدة وحذرت من “عواقب وخيمة”، مع تأكيد استمرار دفاعها عن مصالحها في جنوب شرقي آسيا. وفي سياق الأزمات الجوهرية، التي تعصف بتلك المنطقة الحيوية، يعتبر هذا الحادث الجوي مجرد لمحة عن صراع متعدد المحاور، منه ما يتعلق بالعلاقة المتوترة بين الصين وتايوان والسجال الحاد مع واشنطن بهذا الشأن، ومنه ما يتعلق بكوريا الشمالية وأنشطتها العسكرية، ومنه أيضاً ما يتصل بتداعيات الأزمة الأوكرانية والدور الروسي الذي يظهر في ذلك الفضاء الآسيوي بعيداً عن جبهات القتال الملتهبة. كما تأتي غداة جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة، التي يبدو أنها صبت مزيداً من الزيت على النيران بدل التهدئة وتجنيب العالم تصعيداً آخر أحد أطرافه قوة عظمى.

ومنذ ما قبل زيارة بايدن وأثناء وجوده في كوريا الجنوبية وزيارته إلى اليابان، لم تتوقف كوريا الشمالية عن تجريب الصواريخ البالستية بالتوازي مع تهيؤها لتفجير محتمل لقنبلتها النووية السابعة. وقد تكون المرة الأولى منذ سنوات التي ترتئي واشنطن وسيؤول أن تردا على استفزازات بيونغ يانغ بتجريب صواريخ ومقذوفات، وهو رد يحمل رسائل بالغة الخطورة أهمها التصريح بالجهوزية القتالية ومقابلة التصعيد بالتصعيد، في ظل قيادة كورية جنوبية تتخذ مواقف متشددة تجاه جارتها الشمالية، بعد سنوات من الجمود في أعقاب محادثات نووية فاشلة حاول إطلاقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إثر لقائه في مناسبتين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وقد أعاد فشل ذلك الاختراق الأوضاع إلى مربعها الأول، بل ربما إلى أسوأ مع زيادة التوترات في تلك المنطقة والعالم.

وفي ظل هذا المشهد المعقد يظل تدهور الوضع بين الصين وتايوان والتدخلات الأمريكية والغربية العامل الأخطر، وعقدة كل أزمات ذلك الإقليم، وعلى تطوراتها ونتائجها سيتوقف كل شيء، وبالنظر إلى التداخل العميق بين أطراف متنافرة، فإن أي تصعيد غير محسوب سيقود إلى مواجهة شاملة، طالما أن كل الأطراف مستنفرة، ويرى، كل من موقعه، أن اللحظة العالمية مناسبة لتحقيق مكاسب. وحتى تكون الصورة أوضح، فإن تشابك المصالح والخلافات في بحر الصين الجنوبي وصولًا إلى جزر سليمان في العمق الشرقي للمحيط الهادئ، أكثر تعقيداً وخطورة من الصراع الدائر في أوكرانيا من الناحية العسكرية، والاقتصادية أيضاً بالنظر إلى قوة الصين ودورها في النمو العالمي. وبالنظر إلى هذه الأسباب مجتمعة، فإن المؤشرات لا تطمئن ولا ترسم طريقاً واضحاً للنجاة من شر أزمة عالمية أخرى، قد تكون نتائجها أقسى وأشد على العالم أجمع.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …