الرئيسية / مقالات رأي / حال السودان

حال السودان

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس السوداني عمر البشير ونظامه الإخواني يوم 11 إبريل/ نيسان 2019، جراء انتفاضة شعبية عارمة استمرت أشهراً وسقط خلالها عشرات القتلى ومئات الجرحى، لم تصمد الحالة السياسية طويلاً، إذ سرعان ما تفجرت الخلافات، حتى جاءت الإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2020. ومنذ ذلك التاريخ ما زال السودان يعيش أزمة حكم معقّدة، فشلت كل الجهود الإقليمية والدولية في حلها، الأمر الذي يضع السودان أمام مصير مجهول تتقاذفه أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متفاقمة باتت عصية على الحل.

آخر محاولة لتجسير العلاقة بين المكونات والقوى، قامت بها الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة إيقاد) بالدعوة إلى اجتماع كان من المفترض أن يعقد اليوم (الأربعاء)، لكن «قوى الحرية والتغيير» اعتذرت عن الحضور لأن «الحوار لا يخاطب طبيعة الأزمة الحالية»، مشيرة إلى تحرك الجيش في 25 أكتوبر/ تشرين الأول، داعية مجدداً إلى عملية سياسية وإقامة سلطة مدنية ديمقراطية، مشترطة إطلاق سراح من تعتبرهم معتقلين سياسيين ووقف العنف ضد المتظاهرين.

يذكر أن الانقلاب ضد البشير كان قد قرر تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة الحكم لفترة مدتها عامان، وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر. وفي 17 يوليو/ تموز تم التوقيع بين المجلس العسكري والقوى المدنية المتمثلة بـ«قوى الحرية والتغيير» على «إعلان سياسي» يقر مبدأ المشاركة خلال فترة تمتد لثلاث سنوات، وإنشاء «مجلس سيادة» يدير المرحلة الانتقالية (ستة مدنيين وخمسة عسكريين برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان)، وتم تعيين عبد الله حمدوك رئيساً للحكومة، إلا أن ما جرى لاحقاً أدى لعودة السودان إلى نقطة الصفر.

في الأزمة، هناك حالة من انعدام الثقة بين القوى الفاعلة، وفجوة عميقة. فالمكون المدني يريد حكومة مدنية خالصة تقود البلاد، وديمقراطية حقيقية وتبادلاً للسلطة من خلال انتخابات نزيهة وشفافة، ويرى أن الفترة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها انتهى أجلها، في حين يرى المكون العسكري أنه شريك في مستقبل السودان، وأن القوات المسلحة تشكل ضمانة للأمن والاستقرار.

المبعوث الأممي فولكر بريتس كان قد تحدث أمام مجلس الأمن في يناير/ كانون الثاني الماضي عن مبادرة سياسية للحل برعاية دولية للخروج من حالة الاستقطاب الداخلية، لكن مبادرته سقطت. وفي إبريل/ نيسان الماضي حذّر أمام مجلس الأمن من أن السودان يتجه نحو انهيار اقتصادي وأمني ومعاناة إنسانية كبيرة إذا لم تستأنف الفترة الانتقالية بقيادة المدنيين، الأمر الذي حدا بالبرهان إلى التهديد بطرده لتدخله كطرف في شؤون البلاد وتجاوز صلاحياته وتفويضه.

حال السودان يستدعي تسهيل المناقشات لحل الأزمة السياسية من خلال الحوار، لاستعادة انتقال البلاد إلى الديمقراطية المدنية، والتوجه نحو انتخابات حرة، بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوداني الواضحة في الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة والازدهار.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …