بقلم: د. عبدالحق عزوزي – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- صرحت مؤخراً المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، خلال ندوة في منتدى دافوس بأن الاقتصاد العالمي قد يواجه “أفقاً قاتماً” وبأن “العام سيكون صعباً”، وبأن أسعار المواد الأولية وخصوصاً أسعار المواد الغذائية ستشكل صدمةً. وكان الصندوق قد خفَّض، في أبريل الماضي، من توقّعاته للنمو العالمي إلى 3,6 بالمائة للعام 2022، وذلك بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، وهو ما يمثل تراجعاً قدره 0,8 نقطة مئوية مقارنةً بتوقعات كانون يناير الماضي.
والظاهر أننا سنشهد انكماشاً في بعض البلدان التي لم تتعافَ من أزمة “كوفيد-19″، والتي تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية، وعلى رأس تلكم الدول بلدان القارة الأفريقية، وهو ما أكده مؤخراً الرئيس السنغالي ورئيس الاتحاد الأفريقي ماكي سال لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث صرّح بأن دول القارة “ضحية” للنزاع في أوكرانيا، مشيراً إلى أن “غالبية الدول الأفريقية تجنبت إدانةَ روسيا” خلال عمليتي التصويت في الأمم المتحدة. والذي يعنيه الرئيس السنغالي أنه يجب تجنب معاقبة الأفارقة غذائياً بسبب أزمة يتناولونها بالحياد التام، وأنه إذا استمر هذا الحصار الغذائي بسبب نزاع لا يدري أحد متى سيتوقف، فسنصل إلى حدوث “مجاعة” في العديد من الدول الأفريقية.
وهناك مخاوف حقيقية من أزمة غذائية عالمية بعدما أدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى توقف الصادرات الزراعية من بلدين زراعيين كبيرين، وأدى ذلك بدوره إلى ارتفاع أسعار الحبوب التي تجاوزت ما كانت عليه إبان أحداث “الربيع العربي” عام 2011 وأعمال الشغب بسبب نقص الغذاء عام 2008.
وقد أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن 8 إلى 13 مليون شخص إضافيين قد يعانون سوءَ التغذية في العالَم إذا استمر هذا الأمر، إذ لم تعد تخرج أية سفينة من أوكرانيا التي هي أيضاً رابع مصدِّر للذرة، وكانت في طريقها لأن تصبح ثالث مصدّر عالمي للقمح في العالم، وهي التي تؤمِّن وحدها 50 في المائة من التجارة العالمية في مجال البذور وزيت دوار الشمس.
وفي جانب الاستراتيجية، ما من شك في أن زيارة الرئيس ماكي سال إلى موسكو قد أحدث شعوراً بالارتياح لدى الرئيس الروسي في وقت يحاول فيه الغرب فرض عزلة على روسيا.. وتعطي هذه الزيارةُ أيضاً الانطباعَ بأن روسيا ورقة لا يمكن الاستغناء عنها، لا بالنسبة لأفريقيا ولا بالنسبة للعالم ككل، وأن موسكو الآن تحاول الوقوف إلى جانب الدول المحايدة أو المستضعفة. وهنا نلاحظ أنه في الشق العلني من اللقاء، تم نقل تصريحات الرئيس السنغالي فيما يتعلق بالأزمة الغذائية في أفريقيا، وقولها بأن دولها دول محايدة، أما بوتين فلم يتطرق إلى هذا الموضوع في الشق العلني من اللقاء. لكنه ذكَّر في المقابل بـ”الدعم” الذي كان يقدمه الاتحاد السوفييتي للدول الأفريقية “في نضالها ضد الاستعمار”، مشيداً بتطور العلاقات الروسية الأفريقية وبأن الغرب وحده يتحمل مسؤولية ما يجري.