بقلم: د.طارق فهمي – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- بصرف النظر عن تتالي التصرفات التي يُقدم عليها بعض نواب الكنيست أعضاء الائتلاف الحاكم في إسرائيل، والُمشكّل من ثمانية أحزاب متناقضة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فإن السؤال المطروح: هل ستستمر الحكومة الإسرائيلية في موقعها، أم أن هناك تباينات جديدة داخل الحكومة قد تعصف بالاستقرار الراهن ولو كان هشاً في إطار لعبة التوازنات الكبرى الحاكمة لاستمرار الائتلاف وعدم تغييره، وفي ظل تحركات مهمة من قبل المعارضة الإسرائيلية أولاً: ستظل الحكومة الإسرائيلية تعاني من حالة عدم الاستقرار بالفعل دون أن تسقط في دائرة من الفراغ السياسي، أو الحزبي خاصة أن هناك مخاوف من اليوم التالي حال الذهاب إلى انتخابات جديدة قد تؤدي لمزيد من إنهاك الناخب الإسرائيلي، والذي أصبح يتشكك في ممارسات الأحزاب، ولا يريد أن يري كل يوم انتخابات ولعبة توزيع الأدوار مع طموحه في تحسين نمط حياته، وعدم تكلفته بما يجري عسكرياً من استعدادات لمواجهات على مسارح متعددة، وعدم الدخول في حلقة فراغ حقيقي الأمر الذي يدركه الساسة في إسرائيل جيداً، ويرون أن الذهاب إلى الانتخابات سيكون محفوفاً بالمخاطر، وهو ما ينطبق على الحركة الإسلامية، وممثلها في الكنيست، كما ينطبق على سائر الأحزاب اليمينية الأخرى التي ترى أن إسرائيل اليمينية بأكملها ممثلة في الحكومة الراهنة باستثناء ليكود، والذي يريد العودة إلى سدة الحكم انطلاقاً من فشل الحكومة الراهنة، وعدم قدرتها على إدارة الأوضاع وأن المشهد السياسي والأمني حول إسرائيل في محيطها يتطلب بالفعل حكومة وحدة وطنية، أو حكومة “القائد” التي يطرحها تكتل “ليكود”، ويعمل عليها اعتباراً من اليوم التالي لإعادة تشكيل الحكومة. ثانياً: لا تزال القناعات الحزبية المتعددة بأن المشاركة مع “ليكود محتملة وممكنة في المدى المتوسط، ولكن بشرط ألا يعود رئيس الوزراء السابق نتنياهو مجدداً، ويمكن أن يكون البديل مقبولاً في إطار الصراع داخل ليكود على مسألة الخلافة المتوقعة التي تطرحها أحزاب اليمين خاصة أن الليكود ما زال حزباً قوياً حتى مع وجوده في المعارضة، وقادر على أن يقدم لإسرائيل ولجمهورها الكثير، وهو ما تقتنع به قاعدة اليمين في إطار ما قد يجري من تطورات محتملة خاصة أن الحكومة – وبرغم كل ما تواجهه من تحديات حقيقية – ماضية في عملها ولا تريد الدخول في مناكفات التصويت والتحفظ بهدف التأكيد على تماسكها، واستمرارها لحين تمرير الموازنة بصورة كاملة. وهذا كله في ظل تقديرات بأن قضايا الداخل ستظل هي الأساس، وليست القضايا الإقليمية المتعلقة بإيران، والأوضاع في الإقليم باعتبار أن ما يجري ليس جديداً على إسرائيل وأن أي حكومة – وبصرف النظر عن ائتلافها- قادرة على التعامل معه، ومن ثم فإن الحكومة الإسرائيلية ستعمل على تصدير خطاب إعلامي وسياسي بقدرتها على بناء شراكات سياسية واقتصادية مع دول الإقليم، وأنها نجحت في إعادة تقديم إسرائيل كدولة مقبولة، ولهذا فإنها جديرة بالاستمرار.
وفي كل الأحوال ستواجه الحكومة الإسرائيلية في الفترة المقبلة سيناريوهين الأول: الاستمرارية وعدم التغيير، وهو السيناريو الأرجح برغم كل التهديدات من قبل النواب العرب، ومن داخل القاعدة اليمينية التي تعمل عليها الحكومة، وإن كان خروج بعض النواب، أو تجميد تصويته أو مشاركته في فعاليات اللجان المعنية بالكنيست لا يعني حدوث شلل في الحكومة، أو عدم قدرتها على التصويت، أو الدخول في متاهات الائتلاف الحزبية أو جر أقدام باقي الأحزاب إلى الخروج الجماعي من الحكومة والذهاب إلى انتخابات جديدة.
السيناريو الثاني: احتمال الدخول في مفاوضات لضم ليكود بشروط، أو إعادة بناء الشراكة مع المعارضة على قاعدة (رابح/ رابح)، وعدم الذهاب إلى فك الائتلاف بالكامل، فهذا الأمر مستبعد على الأقل في الدورة الراهنة للكنيست العائد منذ أسابيع من إجازته. ومن ثم فإن العمل على مسارات التقارب والائتلاف سيكون هو الضابط للحركة الحزبية والسياسية على مختلف توجهات اليمين وخارجه، وهو ما سينقل رسالة بأن الحكومة ماضية، وإن واجهت بعض الصعوبات.