الرئيسية / مقالات رأي / لبنان.. مكانك راوح

لبنان.. مكانك راوح

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – كشفت عملية انتخاب رئيس مجلس النواب اللبناني التي فاز فيها نبيه بري للمرة السابعة بأكثرية النصف زائد واحد (65 صوتاً) من دون منافس، عجز النظام اللبناني عن تجديد نفسه، وقدرة القوى السياسية إياها على إبقاء الوضع كما هو عليه من اهتراء سياسي واقتصادي ومالي واجتماعي، إذ إن الانتخابات الأخيرة أبقت القديم على قدمه، مع بعض الاستثناءات الطفيفة مع وصول عدد من النواب الجدد إلى قبة البرلمان من «تغييريين» و«مستقلين»، حتى أن هؤلاء ظهروا في جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وأمناء السر في حالة باهتة.

ما أكدته هذه الجلسة أن ما يسمى تحالف 8 آذار الذي يضم الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) والتيار الوطني، تمكن من رصّ صفوفه رغم الخلافات الكثيرة بين مكوناته، واستطاع حصد رئاسة المجلس ونيابة الرئاسة (إلياس أبو صعب)، وإحباط جهود القوى الأخرى من تحقيق أهدافها في تثبيت أقدامها والقدرة على فرض توازنات جديدة، إذ بدت هذه القوى منقسمة على نفسها، بل إن بعضها ارتأى أن يخرج من الصف ويعطي أصواته لبري، ما يشير إلى أنهم أمام خصم سياسي محنك يعرف كيف يخوض معاركه السياسية وينجح.

البعض يرى أن انتخابات رئاسة مجلس النواب، هي «بروفة» للاستحقاقين التاليين، وهما تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون الذي تنتهي ولايته أواخر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. إلا أن استحقاق تشكيل الحكومة أكثر خطورة لأن اختيار رئيسها وشكلها وأعضائها لن يكون سهلاً أبداً. على عكس رئاسة مجلس النواب، حيث كان بري هو المرشح الوحيد.

فاستحقاق الحكومة مختلف تماماً، وهو يخضع لتفاهمات وتحالفات مختلفة، كما يخضع لإرادة قوى خارجية لها مصالح داخلية في تحديد شخص رئيس الحكومة وسياساتها وبرنامجها، وما إذا كانت تستطيع أن تضبط إيقاع حزب الله داخلياً، بما يتماشى مع سعيها لتحجيم دوره. إلا أن هذه المسألة ليست بهذه السهولة لأن الثنائي الشيعي وحلفاءه لديهم المقدرة على إفشال أية محاولة في هذا الاتجاه، لذا لا بد من العثور على صيغة تضبط الإيقاع تحول دون انفلات الوضع باتجاه المزيد من التصعيد في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة وخارجة عن الضبط. لذا هناك حديث عن حكومة اتحاد وطني تتمثل فيها كل القوى السياسية تكون مهمتها الوحيدة إنقاذ الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحؤول دون مزيد من الانهيار.

والأمر نفسه ينطبق على انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث يبدو أن كل الأسماء المطروحة حتى الآن، مثل رئيس التيار الوطني جبران باسيل، ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ليس لهم حظ في النجاح لاعتبارات عديدة، لذا لا بد من العثور على شخصية يرضى عنها الجميع، وهذا ليس بالأمر السهل.

يبقى أن لبنان أعاد بانتخاباته الأخيرة إنتاج نفس المنظومة السياسية الطائفية التي تسببت في كل مآسيه.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …