بقلم: هيلة المشوح – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – ضجت وسائل الإعلام بزيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى منطقة الخليج واتفاق مبدئي بين الرياض وواشنطن، على أن يصل الرئيس الأميركي إلى جدة في أواخر هذا الشهر (يونيو) في زيارة رسمية للمملكة، يلتقي خلالها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تسبقها زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين في المملكة والولايات المتحدة للتباحث بشأن ترتيبات الزيارة وأجندة مناقشات الجانبين.
ويرجح أن تكون أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا وأزمة اليمن والملف النووي الإيراني، في صدارة الموضوعات التي ستناقشها القمة السعودية الأميركية. وفي مقال له منشور على موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن، سلّط السفير الأميركي ويليام روبوك الضوءَ على عمق العلاقات الأميركية الخليجية وخاصةً العلاقات الأميركية السعودية والإماراتية، حيث تتضح حالياً المساعي من الجانب الأميركي لإعادة هذه العلاقات إلى سابق عهدها بعد سنوات من الفتور والتراجع.
وفي الشهرين الماضيين، وبحسب المقال، اتخذت الحكومةُ الأميركيةُ سلسلةً من الخطوات لتحسين العلاقة مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ففي شهر مارس الماضي التقى وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في المغرب، وورد أن اللقاء أنه تضمن اعتذاراً عن إهمال مخاوف شريك أميركي رئيس فيما يتعلق برد الولايات المتحدة على هجمات المتمردين الحوثيين في اليمن.
وفي منتصف أبريل الماضي، التقى مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، وأظهر اهتمام الولايات بإصلاح العلاقات، هذا فضلاً عن قدوم وفد أميركي رفيع المستوى تترأسه نائبة الرئيس كامالا هاريس ويضم بلينكن وبيرنز ووزير الدفاع لويد أوستن والمبعوث الرئاسي الخاص للمناخ جون كيري إلى أبوظبي لتقديم واجب العزاء لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله.. وكل ذلك يأتي تمهيداً للزيارة المرتقبة التي تتزامن مع اجتماع مجلس التعاون الخليجي، والتي ستتيح فرصةَ لقاء الرئيس الأميركي مع زعماء دول الخليج.
ويصف مقال الدبلوماسي الأميركي ويليام روبوك هذا النشاط الدبلوماسي رفيع المستوى من الجانب الأميركي بأنه خطوات مهمة لمعالجة المنعطفات السياسية التي مرت بها العلاقات الخليجية الأميركية، والتي خلفت فتوراً سياسياً في عمق التحالف القديم والاتجاه شرقاً في تحالفات بديلة بمسوغات استراتيجية وسياسية واقتصادية جديدة، في الوقت الذي انزعجت فيه كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من تجاهل الإدارة الأميركية هجمات الحوثيين على مواقع استراتيجية في البلدين، وكذلك تردد الولايات المتحدة في إعادة تصنيف ميليشيا الحوثي في اليمن كجماعة إرهابية.
والحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أن أميركا بحاجة إلى السعودية والإمارات أكثر من أي وقت مضى، والحقيقة الأهم أنه رغم الصعوبات التي واجهتها دولنا مع الإدارات الأميركية السابقة، منذ أوباما وحتى الآن، فإن قيادتي الدولتين (السعودية والإمارات) أثبتتا قدرتهما على تقديم مصالح دولتيهما على أي مصالح أخرى مهما كان حجم الدول صاحبة هذه المصالح. وإن جرت زيارة الرئيس الأميركي، فذلك قطعاً نجاح دبلوماسي استثنائي للسعودية والإمارات.