الرئيسية / مقالات رأي / إخفاق أوروبي بامتياز

إخفاق أوروبي بامتياز

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- على عكس ما تحاول الآلة الإعلامية الغربية تصويره، أو تتمناه، بشأن العقوبات المفروضة على روسيا، والتي وصلت حزماتها الأوروبية إلى السادسة، فإن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لم تتوقف، كما أن الاقتصاد الروسي لم ينهر، فيما يبدو الاتحاد الأوروبي كمن يطلق النار على قدميه أو يعاقب نفسه؛ بل تشير كل الدلائل إلى أنه يتجه نحو إخفاق كبير.

في حقيقة الأمر، يبدو الاتحاد الأوروبي كمن قرر فرض حظر على نفسه، وإن كان منتعشاً لتوصل قادته في قمتهم الأخيرة في بروكسل، إلى اتفاق مبدئي على فرض حظر تدريجي على معظم واردات النفط الروسي، بعد شهر من الخلافات بين أعضائه. وبالتالي، فإن تجاوز هذه الخلافات يعني وحدة الموقف الأوروبي في مواجهة روسيا، ولو ظاهرياً أيضاً؛ لأن الأمر لا يتعدى محاولة هؤلاء القادة حفظ ماء الوجه أمام شعوبهم، والظهور بمظهر القادر على مواجهة روسيا ومعاقبتها.

فهناك دول كثيرة داخل الاتحاد الأوروبي، وليس المجر وحدها، بحاجة إلى الغاز والنفط الروسيين، حتى إن بعضها اضطر للخضوع للاشتراطات الروسية والقبول بتسديد قيمة المدفوعات بالروبل. وهناك دول آثرت الظهور بموقف أكثر تشدداً، على الرغم من أنها من الأكثر احتياجاً للغاز الروسي، ولو على حساب الكلفة الباهظة، وهي تُدرك أن شعوبها  في النهاية  هي من سيدفع الثمن.

صحيح أن القمة استهدفت حظر النفط الوارد عبر الناقلات في البحار، وتركت الغاز الذي ينقل عبر الأنابيب، والمقصود هنا خط أنابيب “دروجبا”، الذي يمد المجر وسلوفاكيا والتشيك بالنفط والغاز، كما هو، في الوقت الراهن، على الأقل، إلا أن المسألة ليست كذلك. فالدول الغربية لا تملك  في الواقع  بدائل جاهزة، على عكس روسيا التي لديها تلك البدائل، حيث يذهب جزء مهم من نفطها إلى الصين والهند وأسواق أخرى، كما أنها هي من يملك زمام المبادرة، حيث قطعت النفط والغاز عن خمس دول أوروبية، حتى الآن، بناء على مواقف تلك الدول تجاهها.

والسؤال الجوهري ماذا لو قررت روسيا نفسها، حظر تصدير النفط إلى أوروبا، في رد انتقامي على العقوبات الغربية، وهي  كما يبدو  مسألة ليست بعيدة، لكنها تنتظر التوقيت المناسب، ربما مع نهاية الخريف أو أوائل الشتاء المقبل، وعندها ستحلّق أسعار النفط عالياً، ما سيشكل ضربة قوية للغرب، خصوصاً في ظل الركود الاقتصادي الأوروبي والأمريكي، وهي ورقة لا تزال بيد بوتين.

أما الحديث عن انهيار الاقتصاد الروسي، فقد ثبت أنه غير دقيق؛ إذ إن الاقتصاد الروسي تأثر بالعقوبات فعلاً، لكنه استطاع أن يتكيّف معها، كما أن إخراج البنوك والمصارف الروسية من نظام «سويفت» العالمي لم يؤثر كثيراً في النظام المالي بعد أن وجد حلوله الخاصة، حتى إن سعر صرف الروبل تفوّق على اليورو والدولار. وبالتالي، فإن الحديث عن نجاح العقوبات الغربية ما هو إلا إخفاق غربي بامتياز، بات من الواضح أنه لن يثني موسكو عن تحقيق أهدافها في إعادة صياغة الأمن والنظام العالمي الجديد.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …