بقلم: مديحة عبدالله – صحيفة “الراكوبة”
الشرق اليوم – أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) منذ أكتوبر 2021 تحذيرًا واضحًا حول الوضع الغذائي في البلاد وتوقع أن يواجه 18 مليون سوداني خطر الجوع في سبتمبر 2022، وكما هو متوقع لم يصدر من حكومة الانقلاب أي رد فعل على ذلك وكأن الأمر لا يعنيها، ويدل على ذلك طريقة التعامل مع المزارعين وتنصلها من الالتزامات بتوفير السعر التأشيري المجزي لشراء القمح منهم، مما يساعد على توفير مخزون استراتيجي بعد تفاقم أزمة القمح نتيجة الحرب الأوكرانية، خاصة وأن البلاد تواجه فجوة بين إنتاج القمح والاستهلاك تتراوح بين (60 إلى 70%) ويغطي الإنتاج المحلي ما بين (30 إلى 40%) فقط ويتم سد العجز عن طريق الاستيراد حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية.
من المؤكد أن الاستيراد لسد العجز ستواجهه عقبات تتصل بتوفير الأموال لشراء المحصول بعد ارتفاع أسعاره عالميًا، خاصة وقد حرصت كل دول العالم على الاحتفاظ بما يتوفر لديها من قمح كمخزون استراتيجي لمواجهة الشح بسبب الحرب، حكومة الانقلاب عوضًا عن شراء الإنتاج المحلي بسعر مجزى، تفعل العكس، وتضع شروطًا تعجيزية أمام المزارعين لبيع واستلام المحصول مما قد يدفع الكثيرين للإحجام عن البيع بالأسعار المعلن عنها، واللجوء لتخزين المحصول في ظروف غير ملائمة، أو الاضطرار للبيع بأسعار منخفضة رغم الخسارة والامتناع مستقبلًا عن زراعته.
ويكشف كل ذلك أن السودانيين سيواجهون في مقبل الأيام أوضاعًا غذائية صعبة، خاصة وأن 18 مليون يواجهون خطر المجاعة الصريحة، وهو خطر ليس آنيًا، بل سيستمر لعدم توفر إمكانية لمخزون استراتيجي من القمح، بفعل القرارات الخاطئة لحكومة الانقلاب، وعدم الاهتمام بالأزمة الغذائية.
من المؤسف حقًا أن لا تجد قضية الغذاء وجوع 18 مليون سوداني الاهتمام المطلوب، حتى من قبل القوى السياسية والمدنية والإعلام، فهي تشكل أهم قضية تتصل بالحق في الحياة والاستقرار لملايين السودانيين، وليس من المتوقع أن تشغل بال الانقلابيين، لكن من المتوقع أن تكون في قمة أولويات عمل المعارضة، وحاليًا لا يكفي أن يتم تداول أخبار المزارعين الذين يواجهون مخاطر ضياع مجهودهم في زراعة القمح، بل لا بد أن تشكل هذه القضية محور أساسي في العمل السياسي والإعلامي، من أجل الضغط على سلطة الانقلاب لتوفير سعر مجزى لشراء المحصول، والتأكد من توفير مخزون استراتيجي منه.