بقلم: د.وحيد عبدالمجيد – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم– تطمحُ مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق توافق بين الدول أعضاء هذا الاتحاد على حظر التعامل مع النفط الروسي، استيراداً وشحناً وخدمات. طموحُ المفوضية يبدو أكبر مما يمكنُ تحقيقه في ظل وجود اختلاف بين اقتصادات دول الاتحاد، ومدى اعتماد كل منها على هذا النفط.
ويمكنُ التمييز بين ثلاثة جوانب لهذا الطموح، وهي استيراد النفط، ونقلهُ، والخدماتُ اللازمة لحركته في الأسواق مثل التأمينُ ضد المخاطر التي قد تحدثُ في البحار، والوساطة، والتمويل، وغيرها. وتواجهُ المفوضيةُ مشاكل متفاوتة في كل من هذه المستويات. فعلى مستوى الاستيراد، تتباينُ معدلاتُ اعتماد الدول الأعضاء في الاتحاد على النفط الروسي ومشتقاته. ويتطلبُ تحقيق توافقٍ بينها إيجاد بدائل كافية. وقد بدأت المفوضية، ومعها حكومات الدول الأكثر حماساً للحظر، البحث عن هذه البدائل. وثمة مؤشرات إلى أنها حققت تقدماً لا بأس به في اتجاهين. الأولُ هو التفاوضُ مع شركات منتجة للنفط في دولٍ ليست أعضاء في “أوبك+”، وبالتالي غير ملتزمة بالحصص المتفق عليها في إطار هذه المجموعة، مثل الولايات المتحدة والنرويج.
أما الاتجاهُ الثاني فهو التفاوضُ مع تجار ووسطاء يتعاملون مع بعض الشركات المنتجة للنفط، ويتولون تسويق ما يتعاقدون عليه معها وفق عقود قصيرة الأجل يبرمونها مع شركات في بلدان شتى. ويستطيعُ هؤلاء التجارُ تغيير زبائنهم فور انتهاء العقد المُبرم مع هذا أو ذاك منهم، إذا كان هناك مشترون جدد مستعدين لدفع سعرٍ أعلى.
ونظراً لأن التقدم الحاصل في هذه المفاوضات وتلك لم يصل إلى المستوى الذي يوفرُ بدائل كافيةً للنفط الروسي، تخشى الدولُ الأكثر اعتماداً عليه المخاطرة بقبول فرض الحظرٍ قبل توفير بديل مضمون.
وتُعد مشكلة الدول الحبيسة (المجر وسلوفاكيا وتشيكيا) أكبر، لعدم وجود موانئ تستقبلُ السفن التي ستحمل النفط من مصادر أخرى حال توفره. وعليها أن تنتظر مد خط أنابيبٍ من دول أوروبية أخرى إليها.
أما على مستوى قيام سفن أوروبية بنقل النفط الروسي إلى أطراف ثالثة، فثمة مشكلة تواجه الدول التي يمثل قطاع النقل والشحن البحري قيمةً كبيرةً في اقتصاداتها، وخاصة اليونان وقبرص ومالطا.
وفيما يتعلقُ بالخدمات المتعلقة بحركة النفط الروسي في الأسواق، تحاول المفوضيةُ بناء توافق على منع الشركات الأوروبية من تقديم خدمة التأمين ضد المخاطر لأهميتها الخاصة في قدرة موسكو على تصدير نفطها إلى أي مكانٍ من العالم. كما تسعى إلى اتفاقٍ مع (المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض)، التي يوجدُ مقرُها في لندن، لدورها المحوري في مجال التغطية التأمينية لنقل النفط في أنحاء العالم.
والأرجحُ أنه سيكون ضرورياً خفض مستوى طموح المفوضية الأوروبية، بحيث تستثنى بعض الدول من حظر استيراد النفط الروسي لفترة غير محددة، واستبعاد منع السفن من نقله. وربما تكونُ بعض الخدمات اللازمة في تجارة النفط هي الأكثر قابلية للتوافق على حظرها بشكل كامل، بخلاف استيراده الذي لا مناص من أن يكون حظرُه جزئياً، ونقله الذي سيبقى الاتفاقُ بشأنه هو الأصعب.