بقلم: هيلة المشوح – صحيفة “عكاظ”
الشرق اليوم – في خبر نشر على موقع مؤسسة البي بي سي البريطانية وعدة منصات إخبارية عالمية، مفاده بأن (بايدن يتعهد بالتدخل العسكري إذا حاولت الصين غزو تايوان) في سؤال وجه له قبل عدة أيام في طوكيو خلال أول رحلة له إلى آسيا كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية وكان بجانبه في المؤتمر الصحفي رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، فكان السؤال: هل ستتدخل الولايات المتحدة برد عسكري في حال تدخل عسكري صيني لتايوان بعد رفضها إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا لمحاربة الغزو الروسي، وأجاب بـ(نعم، هذا هو الالتزام الذي قطعناه)، والمقصود الالتزام بموجب القانون الذي تم تمريره في عام 1979 ويحمل الكونجرس من خلاله بيع أسلحة دفاعية إلى تايوان، وعوداً على التصريح الذي تم نفيه لاحقاً من قبل مسؤول في البيت الأبيض حين قال إن سياسة الولايات المتحدة في ما يتعلق بتايوان لم تتغير، وإن الرئيس بايدن «كرر التزامنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان بتزويد تايوان بالوسائل العسكرية للدفاع عن نفسها وإنه لا يتوقع أن تحاول الصين الاستيلاء على تايوان بالقوة». وهو الأمر الذي رفع حدة التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين ترجمه تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون إن بكين «غير راضية» بشدة عن تصريحات بايدن، بل زاد من حدة التوتر داخل الكونجرس الأمريكي نفسه حيث انتقده أعضاء من الحزب الجمهوري كالسيناتور تيد كروز الذي أكد «أن بايدن بحاجة إلى أن يكون أكثر وضوحا في تعليقاته وهذه ليست المرة الأولى التي يذهب فيها هذا الرئيس إلى الخارج ويحاول طمأنة حلفائنا، إلا أن البيت الأبيض يتراجع عن تعليقاته».
لو تجاوزنا تصريح الرئيس بايدن مؤكداً كان أو منفياً، فالتدخل هو في نهاية المطاف تحصيل حاصل بأي شكل كان، ولكن الأهم هو الهدف خلف هذا التصريح ونفيه ومؤشرات هذا التصرف الذي تنتهجه الولايات المتحدة والذي يعرف بسياسة «الغموض الإستراتيجي» بشأن قضية الصين وتايوان، أي ترك الغموض يكتنف ما ستتخذه أمريكا من إجراءات حتى تتبلور الإستراتيجية ويتم تنفيذها فعلياً، وحين نركز على وضع الصين تجاه تايوان، فالصين عازمة على ضمها وضم بحيرة الصين تحت سيادتها الكاملة، والتدخل الأمريكي أمر وارد ليس بالضرورة أن يكون تدخلاً عسكرياً مباشراً بل ضمن بروتوكولات أمريكا التي عهدنا في أفغانستان والعراق بطريقة حشد التحالفات مع دول أخرى كما يتم الآن رسمه في أروقة السياسة الأمريكية ومن خلال زيارة الرئيس بايدن الذي اختار مكانا لتصريحاته على تخوم بكين، وجاءت التصريحات في الوقت الذي أيد فيه الرئيس بايدن وقادة من 12 دولة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ إنشاء منصة اقتصادية جديدة تهدف إلى مواجهة نفوذ الصين اقتصادياً و«عسكرياً»، فضلاً عن إظهار أن واشنطن لا تزال ترتكز على مواجهة الصين في أي وقت!
ليس بالضرورة أن يكون التدخل الأمريكي في تايوان تدخلاً بالقوة العسكرية، بل يمكن أن يكون عبر الأدوات المتاحة كالحروب الاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية والسيبرانية، Unrestricted Warfare والتي تسمى بالحرب غير المقيدة.