بقلم: عبدالله السويجي – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- يصّر قادة العالم وعلى رأسهم قادة حلف شمال الأطلسي، على تسمية الحرب العالمية القادمة بالحرب العالمية الثالثة، وهم على علم تام بالقوة التدميرية التي يمتلكونها، من خلال حيازتهم للأسلحة النووية والبيولوجية والنيتروجينية وغيرها من الأسلحة التي لم يعلنوا عنها بعد.
يتحدثون عن حرب عالمية يعدّونها ثالثة، وقد شاهدوا بأم أعينهم الدمار الذي حصل في هيروشيما في اليابان جرّاء استخدام قنبلة نووية صغيرة، التي لا تزال آثارها باقية حتى يومنا هذا، وإذا ما نشبت حرب عالمية واستخدمت فيها الأسلحة المذكورة، فإنها ستكون الحرب العالمية الأخيرة وليست الثالثة، لأن المخيّلة البشرية كما يبدو، لا تستطيع وضع صورة للكرة الأرضية بعد استخدام مئات القنابل النووية والبيولوجية وغيرها، لأن الدمار لن يلحق بالإنسان والعمران فحسب، بل سيطال البيئة ذاتها، وقد تحدث تغييرات على طبقات الأرض والمناخ العالمي، وبالتالي قد تنشب حرائق جهنّمية وفيضانات تشبه قصص الطوفان، إضافة إلى أن الأرض ستُصاب بعقم لعشرات إن لم يكن لمئات السنين، وسيعود الإنسان المتبقّي إلى حياته البدائية، إن لم يكن قد تعرّض للانقراض.
وعلى الرغم من هذه الصورة السوداوية، يحشد حلف الناتو قواته البحرية والبرية والجوية لشن حرب عالمية ثالثة ضد روسيا. وهذا ما يعتقده المحلل العسكري الأمريكي كريس أوزبورن، في حديثه إلى صحيفة «ناشيونال إنترست»، إذ يوضّح أن حلف الناتو يستعد لشن حرب عالمية ثالثة ضد روسيا، ويستشهد بزيادة عدد القوات الأمريكية في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي من 78000 إلى 102000 جندي، إضافة إلى نشر كمية كبيرة من المعدّات العسكرية في المنطقة ومقاتلات «إف 16». ولا يستبعد المحلل العسكري توجيه ضربات مكثّفة للأراضي الروسية.
قد يكون حديث المحلل العسكري الأمريكي في إطار الحملة النفسية الأمريكية ضد روسيا، لأنه افترض فرضية عجيبة من حيث التسمية، ووصف ما سيحدث بالحرب العالمية الثالثة ضد روسيا، وكأن كل أعضاء حلف شمال الأطلسي الثلاثين، يمثّلون العالم، وأنهم سيتّحدون ضد روسيا، كما أنه افترض وجود روسيا وحيدة كأنها دولة يتيمة بلا حلفاء، وربما اعتقد أن روسيا مثل العراق، يمكن للولايات المتحدة حشد العالم والقيام بحملة عسكرية، متناسياً أن روسيا ليست العراق، لا عسكرياً ولا سياسياً ولا جغرافياً، وفلاديمير بوتين ليس كصدام حسين.
وتناسى أيضاً أن روسيا تمتلك السلاح النووي والأسلحة التدميرية المتطورة. وأهم شيء تناساه المحلل أن روسيا لديها حلفاء أيضاً ويمتلكون أسلحة نووية. ولهذا، فقد أخطأ في التلويح بالقوة، كما أخطأ في استخدام المصطلح، ولا يجوز قوله: حرب عالمية على روسيا، ولا يجوز الحديث عن ضربات لأهداف على الأراضي الروسية، لأن بمجرد اكتشاف طائرات في الجو، تكون الحرب العالمية الأخيرة قد بدأت.
الحديث عن حرب عالمية ثالثة هو حديث عن جهنّم، لأنها ستشبه أهوال يوم القيامة، خاصة أن العالم مليء بآبار النفط والغاز، وأي حرب سيكون المهاجم والمُعتدى عليه في قائمة المفقودين.
أعتقد أن استخدام مصطلح الحرب العالمية لم يعد له وجود، لأنها لن تكون حرباً عالمية بالمعنى الذي حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وإذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن ثلاثين دولة هي التي تمثل العالم، وستكون في طرف، وروسيا ستكون في طرف، فهذا تحليل مضحك حقاً.
وعلى الرغم من كل ما سبق، قد يقوم قادة حلف الناتو أو روسيا وحلفاؤها، بحسابات خاطئة، وتنشب الحرب، وسيضطر المهزوم إلى استخدام ورقة السلاح النووي، وبهذا يكون قد عرّض الجنس البشري للخطر، ولهذا، على المنظمات المحبة للسلام، والحريصة على النوع البشري، أن تطالب بتدمير الأسلحة النووية في العالم، وأن تحيي مطالبات سابقة بوجود عالم من دون سلاح نووي.