الرئيسية / مقالات رأي / “التغييريون” الجـدد فـي لبنـان

“التغييريون” الجـدد فـي لبنـان

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم– قد يكون من المبكر الحكم على أداء من أصبحوا يسمون أنفسهم نواب التغيير أو “التغييريون” في لبنان، مع أن مجرد نجاحهم في إيصال 13 منهم إلى قبة البرلمان، يعكس رغبة حقيقية للبنانيين في التغيير على الرغم من الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة، وهيمنة وتغوّل القوى والأحزاب التقليدية، وإحكام سيطرتها على مقاليد السلطة في البلاد لعقود طويلة.

الرغبة في التغيير شيء والواقع شيء آخر. فمن حيث المبدأ، لا يمكن أن يحدث التغيير المنشود من دون برنامج سياسي وطني شامل وجامع بديلاً للطبقة المتنفّذة وأدواتها وأحزابها، والتي ستدافع بالمقابل عن مصالحها وامتيازاتها وامتداداتها الخارجية.

المؤسف هنا هو أن نواب التغيير هؤلاء لا يمتلكون مثل هذا البرنامج، كما أن الشعارات التي طرحها حراك “17 تشرين” الشعبي عام 2019 الذي أفرز هؤلاء النواب، ليست كافية لإحداث التغيير المطلوب، وإن كان ثمة ما هو مبشر وإيجابي لكون انتخابهم جرى من قبل شرائح طائفية مختلفة وحصولهم على نحو 330 ألف صوت على المستوى الوطني في الانتخابات الأخيرة، في ظل القانون الانتخابي السائد الذي صُمّم لخدمة أحزاب السلطة والقوى التقليدية.

وباختصار، فإن الحديث عن تغيير جدي في الساحة اللبنانية من دون برنامج سياسي يصبح نوعاً من السفسطة، ويضع نواب التغيير في مواقف محرجة، خصوصاً أنهم لا يزالون في طور البحث عن توافق وتشكيل كتلة موحدة في ظل برلمان منقسم وبلا أغلبية نيابية. غير أن هناك فرصة أيضاً لبناء تحالف أو تشكيل كتلة وازنة مع “المستقلين”، بموازاة إمكانية قيام تحالف بين قوى 8 آذار الذي يضم “حركة أمل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”المردة”، إلى جانب تحالف حزب «القوات اللبنانية»، وبعض الكتل الصغيرة، وبقايا “قوى 14 آذار”.

قد يكون الاختبار الأول ل”التغييريين” وغيرهم من الكتل الأخرى، هو انتخاب رئيس وطاقم البرلمان؛ إذ على الرغم من أن الأمور محسومة لصالح نبيه بري في ولاية سابعة، سواء بأغلبية مريحة أو نسبية، باعتباره المرشح الوحيد للطائفة الشيعية، وباعتبار أن رئاسة السلطة التشريعية من حق الطائفة الشيعية حصراً، بموجب ما يسمى “الميثاقية”، فإن المعركة ستدور أساساً حول نائب رئيس البرلمان بين “التيار الحر” و”القوات اللبنانية”، فيما يطرح “التغييريون” مرشحاً لهم، فهل يستطيعون مواجهة التسويات والصفقات بين الكتل الكبرى وإيصال مرشحهم إلى نيابة الرئاسة؟

وهل يستطيع “التغييريون” أن يكونوا “بيضة القبان” في إيصال أو منع مرشحي الكتل الكبرى من المنصب ذاته؟ وكيف سيوفّقون بين موقفهم المبدئي إزاء دعم أي من مرشحي أحزاب السلطة من عدمه؟

كما أن هناك اختبار رئاسة الحكومة أيضاً، وماذا سيكون عليه موقفهم خلال المشاورات، وماذا لو كانت هناك فرصة لإيصال مرشح لهم، بسبب “فيتوات” الأطراف المتصارعة، وهم الذين يرفضون التلوّث في دهاليز سلطة لا تزال تتحكم في مفاصلها القوى التقليدية. أسئلة كثيرة يتوقّف عليها أداء “التغييريين” وما إذا كان من انتخبهم سيحتفظ بهم، أم يُعطي أصواته للقوى التقليدية في المرة القادمة؟

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …