بقلم: عائشة المري – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- عاد الجدل في الولايات المتحدة مجدداً بشأن قضية الحق قي حيازة الأسلحة بعد مأساة حادث إطلاق النار على طلاب مدرسة ابتدائية في تكساس، والذي أودى بحياة 19 طفلاً إلى جانب معلمتين، وذلك بعدما أطلق شاب عمره 18 عاماً النارَ من سلاحه عليهم.
وهو الهجوم المسلح السابع والعشرون الذي تتعرض له مدرسة في الولايات المتحدة منذ بداية العام الجاري، حيث أصبح من المعتاد بعد كل إطلاق نار جماعي أن تطرح ذات الأسئلة حول الحق في حيازة الأسلحة.. فهل سيكون الوضع مختلفاً هذه المرة؟ وهل سيؤدي الغضب الذي تسبب به العنف إلى اتخاذ خطوات سياسية لتقنين اقتناء وحيازة الأسلحة؟
قد تكون الإجابة محسومةً أو شبه محسومة لدى بقية دول العالم، كما حدث في بريطانيا عقب هجوم “دنبلين”، وفي أستراليا عقب هجوم “بورت آرثر” وفي نيوزيلندا عقب “كرايست تشيرتش”.. لكن الوضع مختلف في الولايات المتحدة حيث تحتمل القضية أوجهاً قانونية وسياسية عدةً.
لقد ظل الانقسام السياسي الحاد بين “الجمهوريين” و”الديمقراطيين” على التعديلات التشريعية التي تحد من ظاهرة اقتناء وحيازة الأسلحة حيث تمارس الرابطة الوطنية للأسلحة (NRA)، والتي تمثل الملايين من مستخدمي السلاح ومصنّعيه، ضغوطاً شديدةً ضد جميع أشكال الرقابة على الأسلحة، حيث تجادل الرابطة بأن حيازة الأسلحة تجعل البلاد أكثر أماناً.
وقد تمكنت عبر عقود من الحملات أن تجعل حقَّ حيازة السلاح أمراً مقدساً، وهي تستند مع مؤيديها من السياسيين إلى تفسير مثير للجدل للتعديل الثاني من دستور الولايات المتحدة لعام 1791 والذي يقول: إن وجود مليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية حرة، لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها.
وترى الرابطة أن هذا التعديل يمنح المواطنين الأمريكيين الحقَّ في حمل السلاح دون أي تدخل حكومي، وهي بذلك تعارض معظم التشريعات المحلية في الولايات والتشريعات الفيدرالية التي من شأنها تقييد ملكية السلاح.
لا تتوقف شركات السلاح الأمريكية على إنتاجه وتصنيعه، بل تقوم شركات أخرى باستيراد ملايين قطع السلاح من الخارج، حسب تقرير صادم نشرته وزارة العدل الأمريكية الأسبوع الماضي، أظهر أرقاماً مخيفة تعكس الكم الهائل للأسلحة النارية المتوفرة في البلاد والتي ساهمت بشكل مؤكد في تصاعد أعمال العنف المسلح وجرائم القتل وعمليات الانتحار.
فشركات تصنيع الأسلحة النارية في الولايات المتحدة أنتجت خلال السنوات العشرين الماضية أكثر من 139 مليون قطعة سلاح ناري مخصصة للبيع للأفراد، بينها 11.3 مليون قطعة أنتجت في عام 2020 لوحده، حيث شهد قطاع صناعة الأسلحة النارية نمواً متصاعداً خلال العقدين الماضيين، وفق التقرير، وقفز الإنتاج السنوي للأسلحة النارية المخصّصة للبيع التجاري من 3.9 مليون قطعة في عام 2000 إلى 11.3 مليون قطعة في عام 2020.
لقد قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه للأمة، بعد حادث مدرسة تكساس: “متى، حباً بالله، سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟.. لقد حان الوقت لتحويل هذا الألم إلى عمل”.
إلا أنه ورغم المآسي والدموع التي تشهدها الولايات الأمريكية بعد كل حادثة إطلاق نار عشوائي أو عنصري، يتجدد الجدل حول الحق الدستوري في حمل السلاح من دون اشتراطات أو تقنين، كما تستمر ضغوطات لوبي الأسلحة، لتبقى قضية الحق في حمل واقتناء السلاح قضية مفتوحة وغير قابلة للحسم لأجل غير معلوم.