بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- بعدما أدت الاستفزازات الأمريكية والأوروبية المتواصلة لروسيا إلى حرب ضروس في أوكرانيا، وسط مخاطر توسعها، ها هي واشنطن بالتعاون مع شركائها الآسيويين تفتح جبهة جديدة مع الصين، عبر توجيه سلسلة من التحذيرات الساخنة إليها، وآخرها توعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بمواجهة الصين عسكرياً في حال أقدمت على مهاجمة تايوان، ليخرج بذلك عن العرف الأمريكي الذي اتخذ من الغموض في تعامله مع القضية الصينية – التايوانية ستاراً له على مدى السنوات الماضية.
كان تصريح بايدن الأخير حول عزم بلاده التدخل عسكرياً لإسناد تايوان مترافقاً مع سلسلة سابقة من الهجوم المركز على الصين، إضافة إلى تحركه من خلال استقبال قادة دول جنوب شرق آسيا، على أمل إظهار التزام الولايات المتحدة بالمنطقة لمواجهة نفوذ بكين المتعاظم، وبعدها بأيام توجه إلى كوريا الجنوبية واليابان، حيث اعتبر خلال زيارته أن الصين “تلعب بالنار” بشأن تايوان، مؤكداً أن الولايات المتحدة “ستساعد في الدفاع عن تايوان ضد أي غزو”، كما عقد اجتماعاً مع مجموعة “كواد” (أمريكا والهند وأستراليا واليابان) في طوكيو بهدف تعزيز هذا التحالف الذي يعد الهدف الأساسي منه مواجهة توسع نفوذ الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
يبدو أن تحركات أمريكا وحلفائها تسعى إلى ردع الصين كي لا تحذو حذو روسيا في حربها على أوكرانيا، وإبعادها ليس فقط عن تايوان، بل إلى قطع أذرعها أيضاً في بحر الصين الجنوبي، وإخماد طموحاتها في التوسع اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، في إطار منعها من فرض نفسها كقطب يعتد به في عالم متعدد الأقطاب.
لكن العملاق الآسيوي لا يؤكل كتفه بسهولة كما يأمل خصومه، فهو قوة لا يستهان به في المجالات كافة، كما أن لديه إمكانات عسكرية جبارة، قادرة على إلحاق الضرر الكبير بأعدائه، وقد أخذ على عاتقه الرد على التهديدات بأخرى مضادة، قائلاً: “إن واشنطن تضخم مرور سفنها الحربية عبر مضيق تايوان، وإن كان قصدها إرسال رسالة لدعم استقلال تايوان، فإن هذه التصرفات لن تؤدي إلا إلى تسريع انهيار قوي لاستقلال تايوان، وستدفع الولايات المتحدة ثمناً باهظاً”، بل إن موقف الصين كان صارماً عندما أكدت أن ما يسمى بالردع العسكري سوف يتحول إلى نفايات حديدية عند مواجهة السور العظيم الحديدي المكون من 1.4 مليار صيني، هذا فضلاً عن مناوراتها العسكرية التي لا تتوقف.
بكين ليست وحدها في الميدان، بل ثمة حلف كامل معها، فروسيا تقف في نفس خندقها، وتشترك معها في هدف إزاحة أمريكا من موقع القطب الأوحد، لصالح عالم متعدد الأقطاب، بينما بيونغ يانغ التي ودعت بايدن من المنطقة بتجارب صاروخية باليستية، تدور في فلك السياسة الصينية.
ليس من مصلحة أحد، استفزاز التنين، لأن ذلك سيوسع دائرة النار التي اشتعل فتيلها في أوكرانيا، ولن يخرج أحد من المعمعة رابحاً، في ظل امتلاك القوى المتصارعة ترسانات نووية قادرة على تدمير العالم، فخفض التوتر، والتفاوض سيكونان الأجدى لتبريد الجبهات، لأن غير ذلك يعني الفناء.