بقلم: غراهام باس – إندبندنت عربية
الشرق اليوم – كنتُ عالماً رئيساً لدى شركة “شل” النفطية، حيث عملت لـ33 سنة. ولدي درجة في هندسة الطيران ودكتوراه في ميكانيكا السوائل.
وأخيراً قرأت رسالة من وزير الأعمال والطاقة كواسي كوارتنغ، يحاول فيها تبرير الخطط الحكومية لتشجيع الاستثمار في حقول جديدة من النفط والغاز في بحر الشمال. هو يقول إن هذا من شأنه أن “يحمي أمن الطاقة في بريطانيا” وأن يسهل عملية “الانتقال إلى الطاقة النظيفة الرخيصة المولدة في البلاد”، فضلاً عن خفض فواتير الطاقة. لكن توسيع نطاق نفط بحر الشمال لن يحقق أياً من هذه الأهداف، لأسباب عديدة.
نحن لا نملك النفط والغاز، اللذين نمنحهما إلى شركات الطاقة إلى جانب إعانات كبيرة. وهي تبيع النفط والغاز إلى الجهة التي تقدم العرض الأعلى في الأسواق الدولية، وتحتفظ بالعوائد كلها، وهي تحقق الآن أرباحاً مذهلة ولا تدفع أي ضرائب تقريباً. ويُصدَّر ما يقرب من 80 في المئة من إنتاج المملكة المتحدة من النفط الخام وهو لا يؤدي أي دور في أمن الطاقة المحلي.
ونحن لا نملك الشركات التي تستغل هذا النفط وهذا الغاز. وطبقاً لإحدى الدراسات، تعود ملكية أكثر من ثلث حقول التنقيب المرخصة في بحر الشمال إلى شركات ترجح فيها كفة أغلبية خاصة أو مدعومة من دولة، مع تعاظم دور شركات الوقود الأحفوري من الصين وروسيا والشرق الأوسط وهيمنتها أكثر فأكثر. وفضلاً عن عدم خضوع الشركات إلى المساءلة أمام المساهمين في المملكة المتحدة، هي لا تملك مصلحة استراتيجية في أمن الطاقة في المملكة المتحدة أو في إبقاء الفواتير منخفضة لأسر المملكة المتحدة.
ونحن لا نملك المصافي. هي مملوكة لشركات خاصة مثل “إيسار” Essar (تعود ملكيتها إلى الهند، ويُقَال، إن لها صلات بشركة “لوك أويل” الروسية) و”بتروينيوس” (المشروع الصيني المشترك) و”إكسون موبيل”. ولكسب المال، يجب أن تعمل هذه المصافي قرب السعة الكاملة مع أنواع محددة من النفط الخام غير الموجود في المملكة المتحدة. وإعادة الإعداد مكلفة، لذلك تملك مصافي التكرير مصلحة قوية في ربطنا بواردات النفط الخام الأجنبية.
وليس لدينا أي سيطرة على سعر النفط والغاز. ولا يضمن إنتاج النفط والغاز الخاصين بنا توافرهما للمستهلكين في المملكة المتحدة بسعر يمكنهم تحمله، كما أثبتت أزمة أسعار الطاقة الأخيرة. نحن ندفع السعر العالمي للنفط بغض النظر عن المكان الذي يأتي منه. وتكون التقلبات في أسعار النفط سواء ارتفاعاً أو انخفاضاً محسوسة في شكل مباشر من قبلنا.
ولا يمكننا أن نزيد الإنتاج فحسب. فالسماح بإنتاج النفط والغاز في المملكة المتحدة ليس حلاً سريعاً لسد الثغرات الصغيرة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية. وتفيد اللجنة المعنية بتغير المناخ بأن التراخيص الجديدة في بحر الشمال ستستغرق سنوات قبل أن تبدأ الإنتاج بمتوسط يبلغ 28 سنة بدءاً بمنح الترخيص بالإنتاج. حتى الإنتاج “السهل” قد يستغرق ما يصل إلى ثماني سنوات اعتماداً على الجيولوجيا.
لذلك، على الرغم من خطط كوارتنغ، سيظل الجمهور في المملكة المتحدة عرضة إلى عدم الاستقرار العالمي في ما يتعلق بتوفر النفط وسعره في المستقبل المنظور.
أما عن تسهيل “الانتقال إلى الطاقة النظيفة الرخيصة المولدة في البلاد”. ما هو نوع الإشارة بمجال الاستثمار في الطاقة النظيفة التي ترسلها الحكومة من خلال الاستمرار في دعم الوقود الأحفوري؟
ورفضها اللجوء إلى الاستثمار في مبادرات حكومية تدعو المستثمرين إلى تطوير قطاع تقليص الكاربون المحلي- الطاقة الشمسية والهوائية وعزل [الطاقة وتوفيرها] والنقل العام المجاني، يطيح بفرص العمل ويعزز ارتفاع وتقلب أسعار فواتير الطاقة.
والسبيل الوحيد إلى الخلاص الفعلي هو التوقف عن الاستثمار في الوقود الأحفوري والاستثمار في البدائل.