بقلم: نديدي أوكونكو نونيلي وأوليفر كامب – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – يفترض واقع الارتفاع الكبير بأسعار المواد الغذائية في العالم، وجوب تعمل الشركات وفقاً لالتزاماتها للحد من الجوع وسوء التغذية، وتوفير الأطعمة الصحية، واعتماد الأهداف العلمية وتحقيقها، والتصدي لإزالة الغابات. ويمكن لبنوك التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات الدولية، والجهات المانحة، وفاعلي الخير زيادة التمويل بجميع أنواعه، والاستهداف الصريح للحاجة إلى الغذاء الصحي المنتج بالطرق المستدامة. ويجب أن تضع منظمة التجارة العالمية هذه القضية في قلب جدول أعمال التجارة العالمية.
إننا نشهد بالفعل عواقب فشل النظام الغذائي، حيث ما زالت الأحداث المناخية الشديدة، وانعدام الأمن الاقتصادي، والصراعات، و«كوفيد19» تخلق المشكلات، التي لن تتفاقم إلا إذا أخفقنا في التصرف بسرعة.
ولكن بناء مستقبل آخر أكثر استدامة أمر ممكن، والحلول في متناول أيدينا. وإدراك ذلك لا يتطلب سوى الإرادة السياسية للعمل الآن.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية في العديد من البلدان، وذلك بسبب العديد من العوامل بما في ذلك، تغير المناخ، والصراعات العنيفة، ووباء «كوفيد19»، واضطرابات سلسلة التوريد. وكشفت هذه العاصفة عن أوجه القصور والعيوب في نظم الغذاء العالمية، مما دفع البعض إلى التحذير من أزمة غذاء تلوح في الأفق.
وفي سبتمبر من العام الماضي، جمعت قمة الأمم المتحدة الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الأغذية والزراعة، وأسفرت عن التزامات وطنية ودولية جديدة تهدف إلى تحسين النظم الغذائية من أجل الإنسان وكوكب الأرض. ووضعت مسارات العمل الخمسة التي وضعتها القمة حلولاً قوية للقضاء على الجوع وسوء التغذية، ولضمان الاستدامة البيئية في سلاسل القيمة الغذائية. وقبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب26) في غلاسكو في نوفمبر، كانت الحكومات والشركات أمام فرصة مثالية للعمل بصورة حاسمة من أجل تغيير النظم الغذائية.
ولم تُستثمر تلك الفرصة. ولكن نظراً لأن الوقت بدأ يداهمنا في عقد الأمم المتحدة الحاسم للعمل من أجل التغذية، المحدد في الفترة ما بين 2016 إلى 2025، يجب أن نقيس التقدم المحرز في شهور وليس في سنوات. كما أن مؤتمر «كوب 26» هَمش نظم الغذاء إلى حد كبير؛ إذ يواصل الفحم والسيارات، والأشجار، والأسمنت، والصلب، والنقود جذب اهتمام السياسيين والإعلاميين في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، بينما يتجاهلون الحاجة الملِحة لتغيير طريقة إنتاجنا واستهلاكنا للأغذية بصورة عامة. وهذه سياسة قصيرة النظر إلى حد كبير، بالنظر إلى أن النظم الغذائية مسؤولة عن ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. فحتى لو وصل كل قطاع آخر إلى صافي انبعاثات صفرية في المستقبل، سيكون من المستحيل الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية دون إحداث تغييرات كبيرة في النظم الغذائية. واليوم، تستخدم النظم الغذائية 70% من موارد المياه العذبة، وتغطي 40% من الأراضي الخالية من الجليد على كوكب الأرض، كما أنها عامل أساسي في إزالة الغابات، وانقراض آلاف الأنواع، وانهيار النظم البيئية التي نعتمد عليها.
ولا يزال هناك أمل. فالنظام الغذائي القائم على الإنتاج المستدام، واحترام النظم البيئية الطبيعية، والاقتصاد الدائري، والإشراف المسؤول على الأراضي والموارد في جميع مراحل سلسلة القيمة، سيعود بالنفع الكبير على صحة الإنسان والكوكب، ويعزز فرص الشغل وسبل العيش.
كما أن الحلول التي وضعت خلال عملية قمة نظم الأغذية للأمم المتحدة جاهزة. وبدأت المنظمات التي تركز على الصحة، والتغذية، والفقر، والتنمية، في التغلب على العوائق التي تحول دون العمل الجماعي. ومن خلال إحياء الزخم نحو إصلاح النظم الغذائية التي وضعت العام الماضي، يمكننا أن نضمن أن عقد عمل الأمم المتحدة حقق هدفه وهو، «القضاء على جميع أشكال سوء التغذية في كل مكان، وعدم ترك أي أحد وراء الركب». ويمكن أن تساعد الجهود الجماعية القوية في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 في محاصيل هذا العام حتى عام 2030.
ولن يحدث هذا دون إرادة سياسية. إذ يجب أن تكثف الحكومات والشركات جهودها بتعاون مع الشركاء في المجتمع المدني. ولن يكون التحول الذي نحن في أمس الحاجة إليه ممكناً إلا إذا استثمرنا الوقت والموارد اللازمة لتحويل الالتزامات الوطنية والدولية إلى ممارسات.
وتتمثل الخطوة التالية في ضرورة أن يصبح العمل بشأن النظم الغذائية الدعامة الأساسية لصنع السياسات المناخية العالمية في جميع المنتديات الرئيسية. وهي تشمل (كوب 27) (الذي سيعقد في مصر في نوفمبر) وكل مؤتمرات المناخ التي ستعقد لاحقاَ؛ وجداول أعمال عالمية بشأن غاز الميثان وإزالة الغابات؛ والمساهمات المحددة وطنياً بموجب اتفاقية باريس للمناخ؛ وخطط التعافي من «كوفيد19»؛ وبرامج البنية التحتية الخضراء، وتدابير الصحة العامة؛ ومبادرات التجارة المستدامة.
وتوفر الاجتماعات رفيعة المستوى المنعقدة طوال عام 2022 فرصاً لتوحيد الخطط والالتزامات الوطنية وتنفيذها. ويجب أن تضع اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي (CBD COP15) المنعقدة في كونمينغ، في الصين، اللمسات الأخيرة على إطار عالمي جديد وطموح للتنوع البيولوجي جوهره الأنظمة الغذائية. ويمكن لمجموعة السبع، في ظل رئاسة ألمانيا، حشد تعهدات مالية جديدة للتصدي للجوع وحماية الطبيعة.