الرئيسية / مقالات رأي / أميركا أم الصّين… مَن يلعب بالنّار التايوانية؟

أميركا أم الصّين… مَن يلعب بالنّار التايوانية؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – من الممكن القول بأريحية إن جولة الرئيس الأميركي جو بايدن الآسيوية لها هدف واحد: إنشاء جبهة متماسكة من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة للوقوف في وجه النفوذ الصيني المتصاعد، وتوجيه رسالة ردع للقيادة الصينية، من مغبة خوض أي مغامرة في اتجاه تايوان، بينما العالم منشغل بالحرب الروسية – الأوكرانية.

قال بايدن إن واشنطن ملتزمة مساعدة الصين في الدفاع عن نفسها، وإن بكين تكون كمن “يلعب بالنار” إذا غزت الجزيرة. التحذير الأميركي استفز الحكومة الصينية التي ردت بإسداء النصح للبيت الأبيض كي “لا يسيء تقدير” التصميم الصيني حيال تايوان. واعتبر مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة الصيني أن الولايات المتحدة هي من “يلعب بالنار” في تايوان.

الرد الصيني أتى عقب إعلان بايدن من طوكيو “الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ”، الذي يضم 13 دولة هي الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، الدول الأربع المنضوية ضمن صيغة “كواد” الدبلوماسية، وكذلك بروناي وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وماليزيا ونيوزيلندا والفيليبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام. وتشكل هذه الدول معاً 40 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي.  

ما تحاول إدارة بايدن أن تقوله للصين، هو الآتي: أن أميركا قادرة على فتح جبهتين، في أوروبا ضد روسيا وفي آسيا ضد الصين، وتالياً لا يتعين على بكين أن تختبر أميركا في المسألة التايوانية.  

فضلاً عن ذلك، يرمي بايدن أيضاً إلى الضغط على الصين كي لا تجازف بمساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات الدولية غير المسبوقة، التي فرضها الغرب على موسكو منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 شباط (فبراير) الماضي. ذلك أن الصين يمكن أن تُفرغ الكثير من العقوبات من مضمونها، إذا وفرت لروسيا مثلاً بديلاً من الأسواق الأوروبية، التي تقفل بإيعاز أميركي، الواحدة تلو الأخرى أمام النفط والغاز الروسيين.

من هنا، تنطوي جولة بايدن على الكثير من الرسائل المباشرة وغير المباشرة للصين، التي طالما اعتبرها الرئيس الأميركي بمثابة أخطر تحدٍ تواجهه الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، فالصين التي تعتبر القوة الاقتصادية الثانية في العالم، دخلت في تنافس تجاري شرس مع أميركا في أكثر من 60 دولة، تمتد من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.  

وأخشى ما تخشاه الولايات المتحدة، هو أن تتحول الصين إلى قوة عسكرية جبارة لتنفيذ طموحاتها العالمية. وفي هذا السياق، تنظر واشنطن بخطورة إلى زيادة الموازنة العسكرية الصينية التي تعتبر ثاني أكبر موازنة دفاعية في العالم بعد الموازنة العسكرية الأميركية. وترصد الولايات المتحدة التحركات العسكرية لبكين في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وفي مضائق تايوان، وأرسل البنتاغون 5 حاملات للطائرات إلى منطقة المحيطين الهادئ والهندي. 

وبعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، زادت مخاوف المسؤولين الأميركيين، من احتمال أن تقدم الصين بدورها على غزو تايوان في الوقت الذي يصب الغرب جهوده على مواجهة الهجوم الروسي. كما لم تخفِ الولايات المتحدة انزعاجها من عدم إقدام بكين على التنديد الصريح بالخطوة التي أقدم عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهي كانت دائمة التذكير بالعلاقة الوثيقة التي تربط بوتين بالرئيس الصيني شي جينبينغ. وتعتبر أن ذلك يشكل تهديداً حقيقياً للمصالح الأميركية، خصوصاً أن الزعيمين الروسي والصيني، كانا ينددان دائماً بسياسة القطب الواحد، ويطالبان بعالم متعدد الأقطاب، وشكلا قطب الرحى في مجموعة “بريكس” التي تضم إلى جانب روسيا والصين، الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

والصين بدورها ليست عاجزة عن فك رموز الرسائل الأميركية خلال جولة بايدن، وإن كانت تقرأها بهدوء وتمعن، ولا تبدو في عجلة من أمرها للانجرار إلى رد فعل في التوقيت الذي اختاره بايدن. للصين توقيتها الخاص بها.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …