افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – في أول جولة آسيوية له منذ انتخابه رئيساً، وشملت كوريا الجنوبية واليابان، أثار الرئيس الأمريكي جو بايدن أزمات وتحديات جديدة ضد الصين وكوريا الشمالية، في تأكيد أن السياسة الأمريكية تنحو أكثر فأكثر نحو المواجهة والتصعيد، من دون تقديم دليل على نوايا للحوار أو المفاوضات للتخفيف من الاحتقان المتفجر في العلاقات الدولية، الذي بدأ مع الحرب الروسية – الأوكرانية.
كان الاعتقاد أن بايدن سوف يلوّح بغصن زيتون إلى الصين وكوريا الشمالية خلال جولته هذه، لكن من الواضح أن تصريحاته في كل من سيول وطوكيو تحمل مواقف متشددة تميل إلى التحدي أكثر منها إلى التهدئة، بما يشي بأن أزمات دولية أخرى على الطريق قد تكون أشد ضراوة من الحرب الأوكرانية، وأكثر تهديداً للأمن والسلام العالميين.
في سيول، أبرم الرئيس الأمريكي سلسلة اتفاقات اقتصادية وتقنية وأمنية مع كوريا الجنوبية، ومن هناك أكد الالتزام بالدفاع عن كوريا الجنوبية «بنشر أسلحة استراتيجية» تشمل قاذفات صواريخ بعيدة المدى أو غواصات أو حاملات طائرات مزودة بأسلحة نووية «إذا لزم الأمر». وأشار إلى أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ «تشكل ساحة معركة رئيسية».
وفي طوكيو، أعلن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا «أن الولايات المتحدة ستردّ عسكرياً إذا غزت الصين تايوان.. هذا التزام قطعناه على أنفسنا».
لم تردّ كوريا الشمالية على تصريحات بايدن وسط معلومات أنها تستعد لتجربة نووية جديدة في تحدٍ للإدارة الأمريكية وحكومة كوريا الجنوبية الجديدة، فيما ردت الصين بعنف على هذه التصريحات إذ أكدت أن «لا مجال للتهاون في أمور تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية واغ وين بين «إن بكين مستعدة للدفاع عن مصالحها في ما يتعلق بتايوان.. لا ينبغي لأحد أن يسيء تقدير عزيمة الصين الحازمة وإرادتها القوية في الدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة أراضي الصين».
هذا يعني أن بايدن زرع خلال جولته بذرة أزمة جديدة قد تنفجر في أية لحظة، خصوصاً أن أحد أهداف جولته عقد قمة في طوكيو للتحالف الرباعي (كواد) الذي يضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، بهدف السعي لتمتين الشراكة بين الدول الأربع والعمل على إيجاد السبل التي تؤدي إلى تطويق الصين ومحاصرتها في منطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، إضافة إلى محاولة إقناع الهند بالتخلي عن موقفها المحايد بشأن الحرب الأوكرانية، وحملها على الانضمام إلى العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على روسيا.
لم تتخلّ الولايات المتحدة عن أهدافها الاستراتيجية في الهيمنة والسيطرة، كما لن تتخلى عن جهدها في البقاء على عرش النظام الدولي ولو أدى الأمر إلى مزيد من الحروب والدمار الذي قد يلحق بالعالم.