الرئيسية / مقالات رأي / لماذا قد تفسد تركيا حفل انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الأطلسي

لماذا قد تفسد تركيا حفل انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الأطلسي

بقلم: شون أوغرايدي – إندبندنت عربية

الشرق اليوم – في خطوة أثارت الحماسة والفرح بالقدر ذاته الذي أحدثته مسابقة الأغنية الأوروبية “يوروفيجن”، ترغب كل من فنلندا والسويد الانضمام إلى “حلف شمال الأطلسي” (الناتو). ويشكّل البلدان، إذا أردنا استعمال المفردات التقنية الأمنية، مزوّدي خدمات أمنية صافية [لاعبان فاعلان يحفظان مصالحهما الأمنية من طريق التعاون وحفظ أمن الآخرين]، ما يمثل إضافة هائلة إلى القدرة العسكرية لـ”الناتو” ولا تُعدّ مصدر أعباء ثقيلة ملزمة (ليس لأن ذلك أمراً خاطئاً فالدول الصغيرة لديها حقوق أيضاً).

ويبرز الحديث عن تقديم طلبات تسلك مساراً سريعاً وعن انفتاح “الناتو” على البلدان كافة ذات الأهمية الجغرافية. ويملك الفنلنديون والسويديون الذين توجّب عليهم تطوير دفاعاتهم خلال أعوام الحياد، معدات متطورة وقدرات بشرية متقدمة. وهما تشكّلان جزءاً من القوة الاستكشافية المشتركة بقيادة بريطانيا وتشاركان في عدد من التدريبات العسكرية في إستونيا تحت عنوان “هيدجهوغ” أو القنفذ Hedgehog. حتى وهما خارج “الناتو”، تصعّبان الأمور على روسيا وتتفوقان عليها [يتعذر على موسكو التغلب عليهما]، تماماً كما يفعل الأوكرانيون.

وبعد ذلك، يأتي رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا والعضو الراسخ في نادي الاستبداد العالمي الشائك. وتشكّل تركيا دولة وفيّة منضوية تحت لواء “الناتو” منذ عام 1952 (حتى إنها استضافت على أرضها صواريخ نووية أميركية بقيت إلى حين اندلاع أزمة كوبا عام 1962)، بيد أنها أصبحت أقل موثوقية ومصداقية. وأمطر الرئيس أردوغان مجموعة “الناتو” العسكرية بوابل من الانتقادات السلبية بشأن احتمال انضمام العضوين الاسكندينافيين، مستنكراً بشكل أساسي قيام تلك الديمقراطيات الليبرالية بتقديم اللجوء وفتح أبوابها للمجموعات الكردية على غرار حزب العمال الكردستاني (PKK) الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين.

وفي هذا السياق، من المتوقع أن يصل وفد من السويد إلى تركيا في محاولة لتبديد المخاوف. وبصورة ملحوظة، وصف أردوغان انضمام اليونان إلى الحلف بالخطأ التاريخي الذي ارتكبه “الناتو”، مقتنصاً الفرصة لتوجيه انتقاد لخصم تقليدي.

وكانت تركيا تجنّبت حتى الآن التهديد باستخدام حق النقض (فيتو) الصريح على توسّع “الناتو” شمالاً. ويبدو مستبعداً في الوضع الحالي أن ترغب تركيا بإبعاد الولايات المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبرها شركاءها الاقتصاديين الوازنين، فضلاً عن كونها من أبرز الضامنين للأمن التركي ضد روسيا وللسلام في شرقي المتوسط وقبرص. عوضاً عن ذلك، يبدو من المرجح جداً أن تركيا تسعى إلى الحصول على مقابل لسماحها بانضمام السويد وفنلندا إلى الحلف. ويبدو أن تركيا تشعر بإحباط شديد بشأن طلبها المتوقف منذ فترة طويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والذي تقدّمت به منذ عام 1961. واستخدمت اللجوء في الأعوام القليلة الماضية كأداة [ابتزاز] لتعزيز التجارة مع الاتحاد الأوروبي وزيادة استفادتها من مساعدته.

وخلافاً للاتحاد الأوروبي، لا يتميز “الناتو” بمعيار انضمام رسمي باستثناء الإجماع، وفي حال كانت تركيا تمانع انضمام السويد وفنلندا، سيرقى ذلك إلى ممانعة بسيطة. كما تتحتّم عليها موازنة مصالحها الإقليمية وطرح أسئلة صعبة على نفسها حول مدى رضاها عن سيطرة روسيا على شمال البحر الأسود وتوسّع نفوذها أكثر في القوقاز. وفي هذا الصدد، كان أردوغان أكثر تعاطفاً وحيادية بشكل ملحوظ في موقفه من أوكرانيا وحاول التوسط في محادثات السلام، ما أدى إلى توتير علاقاته مع أميركا والاتحاد الأوروبي.

أردوغان رجل متشدد صعب المراس تماماً كبوتين وهو يطعن في الديمقراطية والقيم التحررية الغربية ولكن في الوقت ذاته، تشكّل روسيا وتركيا خصمين متنافسين قديمين وسبق لهما التواجه في حروب ودخلتا في حروب بالوكالة مع بعضهما البعض على مرّ قرون. وفي العصر الحديث، تسبب التوغل العرضي لطائرة دخلت المجال الجوي للدولة الأخرى [تركيا] في إحداث توترات دبلوماسية شديدة وتهديدات بالتصعيد.

خلاصة الأمر، ربما تشعر تركيا يوماً ما بالامتنان لقيامها بدعم “الناتو” والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مواجهة بوتين. وفي هذه الظروف، لا بد من أنها سترحب بتزويدها بشحنة من طائرات “ساب” المقاتلة (Saab) السويدية وبعض المركبات المدرّعة الفنلندية.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …