الرئيسية / مقالات رأي / الصراع في أوكرانيا غيّب بقية المشكلات

الصراع في أوكرانيا غيّب بقية المشكلات

بقلم: د. فايز الشهري – صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – وفق نظريّة «تحديد الأولويّات» Agenda Setting Theory في علم الاتصال فإن وسائل الإعلام تملك التأثير على عقل الجمهور بشكلٍ واضح حينما تضع الأولويّة «لموضوع معيّن» وتعالجها بشكلٍ مكثّف. فالتركيز الإعلامي يجعل عموم الجماهير توقن تلقائيًا على أن هذه أهم الأخبار والمعلومات، وبهذا تحدّد وسائل الإعلام أولويّات أي الموضوعات تأتي أولاً ثم التالي وهكذا.

وما يجري من أحوال الحرب على أوكرانيا ليس استثناء، فهو حدث ضخم، والمشاركون فيه أطراف ودول عظمى، والمشهد الإعلامي الدولي تديره هذه الدول وبهذا فرضت أجندتها على بقيّة العالم. وحتّى في هذه التغطيات للحرب على أوكرانيا يتم ترتيب الأولويّات بشكلٍ واضح ضمن سياق ضغط المجهود العسكري، وتبرير العقوبات، ثم تهديد الصين ومن في فلكها، ثم تأتي النواحي الإنسانيّة وغيرها. ولكن مع هذه الحرب تحديداً لم تعد الأوضاع في بقيّة العالم المليء بالصراعات والفقر والمشكلات البيئيّة والإنسانيّة تحظى بالاهتمام الكافي. لم يعد العالم يعلم كثيراً عمّا يجري في أفغانستان، ولا الاتفاق النووي، ولا حتّى الأزمات في أفريقيا (أثيوبيا، الصومال، السودان، ليبيا، دول الساحل). أمّا مشكلات الشرق الأوسط في فلسطين، والعبث الإيراني في شؤون اليمن، وسورية، والعراق، ولبنان، وأمن المنطقة والطّاقة فهي إما ملفّات مؤجلة، أو عوامل ضغط لخدمة السياسة.

يقول تقرير لليونيسف (لن تشاهده على وسائل الإعلام): إن الصراعات، وتغير المناخ، والفقر، ومؤخراً جائحة كورونا أدت إلى أزمات إنسانيّة هائلة، ودخول ملايين البشر لخطر المجاعة. ويُفصّل برنامج الأغذية العالمي الوضع في ظل واقع أن ما يصل إلى 811 مليون شخص ينامون جائعين كلّ ليلة، مع تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد من 135 مليونًا إلى 276 مليونًا منذ عام 2019.

لا شك أن ما يحدث في أوكرانيا مأساة على كلّ المستويات، ولكن الغرب يقف معها بكلّ إمكاناته، ويقدّم لها الدعم الذي وصل بحسب بعض التقديرات إلى ما يوازي 100 بليون دولار من أشكال الدعم في أربعة أشهر فقط (الولايات المتحدة وحدها قدّمت أكثر من 54 بليون دولار) واستقبلت أوروبا أكثر من 5 ملايين مهاجر أوكراني.

من جهة أخرى وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة بلغ عدد القتلى المدنيّين في الحرب الأوكرانيّة 3838 حتّى شهر مايو 2022. ووفقاً لتقارير دوليّة أيضاً فإن عدد القتلى المدنّيين في العراق تجاوز المليون، وفي سورية قارب نصف مليون، منذ تفجّر الأزمات في هذين البلدين على سبيل المثال. ترى هل واكب الإعلام الدولي حجم هذه المآسي علماً أن عدّاد الموت العبثي ما زال يعمل، والضحايا مدنيّون أبرياء؟

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …