الرئيسية / مقالات رأي / الإصرار الأطلسي

الإصرار الأطلسي

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – يتجاهل حلف الأطلسي كل الدعوات الروسية بعدم التوسع شرقاً، والعمل على قيام أمن متبادل ومتوازن لتجنيب القارة الأوروبية المزيد من الصراعات والحروب. وقد جاء قرار فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف ليضع القارة مجدداً أمام سيناريوهات سلبية تحمل في ثناياها كل احتمالات الصراع والمواجهة، لأن هذه الخطوة في حال تنفيذها تعني أن روسيا باتت محاصرة تماماً من الشرق، وموانئها مطوقة على بحر البلطيق على امتداد حدود يبلغ طولها أكثر من 1930 كيلومتراً، بعد إضافة حدود بولندا. وهذا يعني في الحسابات الجيوسياسية تغيير خارطة المنطقة، على الرغم من أن السويد ليست محاذية لروسيا.

معروف أن توسع حلف الأطلسي شرقاً كان أحد أسباب الحرب الأوكرانية الحالية، وبانضمام فنلندا قد يتكرر رد الفعل الروسي، خصوصاً أن خطوة فنلندا والسويد ستنهي 75 عاماً من عدم انحيازهما؛ حيث حافظتا خلال العقود الماضية على علاقات جيدة مع موسكو. ولطالما سعى الكرملين لتبديد مخاوف هلسنكي وتطمينها بأنها ليست في خطر من جانبها، على الرغم من دعمها لكييف في حربها، وقد بادر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، للاتصال مع الرئيس الفنلندي، سولي نبنويستو، ليلبغه أن قرار بلاده «خاطئ»، ويمكن أن يكون له «تأثير سلبي» في علاقات البلدين.

لكن روسيا ترى أن حلف الأطلسي يتعمد استفزازها، وبالتالي يخلق المبررات لتوسيع مساحة الصراع معها، كأنه يريد جرّها إلى مزيد من الحروب في القارة من دون الأخذ في الاعتبار نتائجها الكارثية.

إن قرار فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف الأطلسي لا يمكن أن يكون بمعزل عن الولايات المتحدة التي تسعى «لإنهاك روسيا»، حسب وزير الخارجية أنتوني بلينكن، «ونريد أن نرى روسيا ضعيفة» حسب وزير الدفاع لويد أوستن، وإن محاصرة روسيا بحلف الأطلسي قد يؤدي هذا الدور.

موسكو، من جانبها، ترى أن هذا الانضمام المزدوج يشكل تهديداً استراتيجياً لها، وأعلنت وزارة الخارجية أن «موسكو ستضطر للرد من أجل وقف تهديد أمنها»، وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رياباكوف، إن مثل هذا القرار «خطأ جسيم ستكون عواقبه هائلة».

وفي قمة حلف الأطلسي أواخر الشهر المقبل في مدريد سيتم بحث طلب فنلندا والسويد، لكن قرار قبوله قد يحتاج إلى عام، والعيون تتجه إلى الموقف التركي، فقبول أي عضو جديد يقتضي موافقة جميع الأعضاء؛ وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن وجهة نظر تركيا للمسألة ليست إيجابية.

أوروبا أمام مرحلة مفصلية، والعودة إلى الصراع فيها ليس في مصلحة أحد. ولا بد من السماع لصوت العقل والحكمة، فالعالم يواجه تحديات كبرى، استمرارها يهدد ما تم بناؤه طوال سنوات.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …