بقلم: جيمس زغبي – صحيفة “الجريدة”
الشرق اليوم – مع التحول الملحوظ في المواقف الأميركية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تتراجع معنويات الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، والأمثلة كثيرة، ومنها ضغط هذه الجماعات، بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، على أكثر من 30 ولاية لتجريم دعم جهود مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها. ومنها أيضاً أنها تنظم حملات لإقرار تشريعات لتوسيع تعريف معاداة السامية ليشمل أشكالاً متعددة من النقد لإسرائيل، ومنها أيضاً أنه بسبب القلق من العدد المتزايد لمرشحي الكونغرس الذين ينتقدون علانية السياسات الإسرائيلية، تم إنشاء لجان عمل سياسية جديدة مؤيدة لإسرائيل لدعم المرشحين الذين لا يطعنون في مسلك إسرائيل.
وفي الربع الأول من هذا العام فحسب، جمعت لجان العمل السياسية وأنفقت الملايين لتحجيم مَن تريد إلحاق الهزيمة بهم، وهذه الجهود تعاقب الذين يجرؤون على انتقاد السياسات الإسرائيلية، ومن ثم تخرس أصوات الجدل حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
ويوسع هذا النشاط الأساليب التي استخدمتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل لعقود، ولطالما جمعت لجان العمل السياسية المؤيدة لإسرائيل حزم المساهمات للحملات، فتكافئ المرشحين الذين يدعمون إسرائيل وتعاقب الذين يتحدَّون سياساتها.
وعلى مدى عقود، استخدمت الجماعات الرئيسة الموالية لإسرائيل مواقعها الجيدة لشيطنة منتقدي إسرائيل باتهامات معاداة السامية، وربما فاز هؤلاء بأصوات في الكونغرس، لكن في كثير من الحالات، أيدهم أعضاء الكونغرس بدافع الخوف أكثر من دافع الصداقة، واعتدت على حفظ قائمة أعضاء الكونغرس الذين قالوا لي: «أنا معك حقاً، لكنك تعرف كيف هي إيباك (لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية)، يتعين علي توخي الحذر كي لا أغضبها». لقد فقد بعض الأميركيين العرب، وغيرهم ممن تحدثوا دعماً للفلسطينيين، وظائفَهم وفرصهم في التعبير عن رأيهم، واستُبعدت الجماعات الأميركية العربية من تحالفات سياسية، وحُرم بعض الأميركيين العرب من حق المشاركة في العملية السياسية، مما حد من قدرتنا على تمثيل مجتمعنا والدفاع عنه.
ورغم ذلك تظهِر استطلاعاتُ رأي أن غالبية الأميركيين يريدون تعليق المساعدات الأميركية لإسرائيل بشرط عدم انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، ويرى أكثرية من الأميركيين أنه من المشروع معاقبة إسرائيل أو مقاطعتها.
وازداد الدعم للفلسطينيين وانتقاد إسرائيل بشكل كبير بين «الديموقراطيين»، وبالإضافة إلى الأميركيين العرب أصحاب النفوذ، أصبح الأميركيون الأفارقة والناخبون الشباب أكثر جرأةً، ونتيجة لهذا أنه وفي حين كانت حقوق الفلسطينيين في الماضي قضية مطروحة للنقاش في حملة أو اثنتين فقط من حملات الكونغرس، أصبحت قضية نقاش في عشرات الحملات هذا العام، وقد تفوز الجماعات المؤيدة لإسرائيل في بعض السباقات من إقرار بعض القوانين التي تحظر حرية التعبير… لكنها في نهاية المطاف لن تنجح في إسكات الانتقادات الموجهة لإسرائيل، لأن الدافع إليها ليس معاداة السامية، بل السياسات الإسرائيلية نفسها، فحقوق الفلسطينيين في الماضي كانت قضية مطروحة للنقاش في حملة أو اثنتين فقط من حملات الكونغرس، وهذا العام أصبحت مطروحةً في عشرات الحملات.