الشرق اليوم- إطلاق تحالف دعم الشرعية في اليمن 163 أسيراً حوثياً، مبادرة إنسانية لا شبهة فيها ترمي إلى لمّ شمل المفرج عنهم مع عائلاتهم بعد فراق دام سنوات، وفرصة إضافية يمنحها التحالف لتعزيز مسار السلام في هذا البلد الذي أنهكه الصراع المرير، وقد يجهز على مستقبل أبنائه إذا لم يهتد المتعنّتون إلى الطريق الرشيد ويكونوا إيجابيين في وضع حد لهذه المأساة.
مبادرة إطلاق الأسرى تنتظر جواباً عملياً من جماعة الحوثي يقضي بإطلاق ما لديها من أسرى ومعتقلين ومخفيين قسرياً على مبدأ الكل مقابل الكل، وفقاً لاتفاق تبادل الأسرى الموقّع بين الحكومة اليمنية والانقلابيين برعاية الأمم المتحدة. وإذا تحقق هذا الأمر، فإن الوجهة التالية ستكون واضحة باتجاه مفاوضات سلام تبحث الحل العادل والشامل للأزمة، حتى يتمكن اليمنيون جميعاً من طي حقبة الخلاف والصراع، وفتح صفحة جديدة للتعايش والتضامن تحت السقف الوطني.
وما يمنع من الإغراق في التفاؤل أن ميليشيات الحوثي مازالت سلبية جداً؛ بل إن أفعالها هدامة إلى الآن، من خلال عدم تفاعلها مع ملف الأسرى، ورفض استقبال من أفرج عنهم في صنعاء وتنكّرت لهم بزعم أنهم غير معروفين لديها. كما أن انتهاكاتها اليومية للهدنة الإنسانية المعلنة الشهر الماضي، تجعل هذه الفرصة التي منحها التحالف، ووافقت عليها الحكومة اليمنية، وزكّتها الأمم المتحدة، مهددة ومعرضة للانهيار.
لم تُخف الأوساط اليمنية ابتهاجها بالهدنة واحتفاءها بإطلاق الأسرى. والحكومة اليمنية التي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة، تؤكد في بياناتها، أنها ملتزمة بالهدنة على الرغم من الانتهاكات، وتستعين على ذلك بالصبر والأمل عسى أن تغيّر ميليشيات الحوثي سلوكها وتقلع عن أساليب التعنّت والمكابرة. والمجلس الرئاسي الجديد الذي تسلم قيادة البلاد بعد محادثات الرياض، تعهد بالعمل على إنهاء النزاع وخدمة اليمنيين جميعاً بلا استثناء. وكل هذه المواقف تأتي ضمن توجه مدعوم إقليمياً، لا سيما من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ودولياً، من الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، وكل القوى المحبة للسلام.
باستثناء الحوثيين تأمل كل الأطراف ذات الصلة بالأزمة اليمنية أن تتواصل الجهود والمساعي لتثبيت الهدنة وتوفير الظروف المناسبة لحوار بناء يفضي إلى تسوية سياسية شاملة للصراع. وبعد أعوام طويلة من التقاتل والفوضى، لم يعد هناك من خيار غير الحل السياسي الكفيل بإعادة بناء اليمن سياسياً واقتصادياً، وجعله عامل أمن واستقرار في هذه المنطقة التي بدأت تنخرط كلها في مسارات التهدئة والازدهار والرخاء. أما من يعرقل هذا النهج، فسيواجه العزلة والازدراء، وهو المصير الذي ينتظر جماعة الحوثي إذا استمرت في سياستها الرعناء، دون إدراك منها أن هذا التوجه محكوم عليه بالخسران.
قد تكون الصعوبات التي تواجه اليمن في هذه المرحلة خلاقة في وقت لاحق، فالمعركة من أجل السلام ليست أسهل أو أقل تضحيات من معارك البنادق والقذائف والألغام. ومهما كانت العراقيل قائمة، سينتصر الدفع إلى الاستقرار والأمان على قوى الجر إلى الخلف، وهذه النتيجة حتمية كل صراع، واليمن لن يكون استثناء من هذه القاعدة.
المصدر: صحيفة الخليج