الرئيسية / مقالات رأي / أين تفترق أمريكا عن أوروبا في أوكرانيا؟

أين تفترق أمريكا عن أوروبا في أوكرانيا؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم- رغم تشديد الرئيس الأمريكي جو بايدن على “وحدة” الغرب في مواجهة الهجوم الروسي على أوكرانيا، إلا أن ذلك لا يخفي وجود تباين حول المدى الذي يجب أن تذهب إليه الضغوط على موسكو، وهل يمكن تحت ظرف ما عودة التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.  

في الجانب الأمريكي، بات جلياً أن لا إمكان للتعامل مع روسيا في ظل زعامة بوتين، وإن كان البيت الأبيض قد حرص على إيضاح “زلات لسان” الرئيس جو بايدن عندما اعتبر في لحظة “مشحونة بالعاطفة” خلال لقائه لاجئين أوكرانيين أن “هذا الرجل لا يمكنه البقاء في السلطة”، ثم وصفه أكثر من مرة بأنه “مجرم حرب” و”جزار” و”ديكتاتور متوحش”.

وتقرن إدارة بايدن التصعيد اللفظي، بإرسال كميات ضخمة من السلاح إلى أوكرانيا، وهي انتقلت من الأسلحة “الدفاعية” على شاكلة صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات وصواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات إلى مختلف أنواع المسيّرات، خصوصاً تلك التي لا تتمكن الرادارات من رصدها. وعندما طلب بايدن من الكونغرس الأسبوع الماضي مبلغ 33 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا عسكرياً ومالياً على الصمود في مواجهة الهجوم الروسي، فإنه كان يرسل إشارة قوية إلى روسيا وإلى الحلفاء على حد سواء، الى أن هذه حرب طويلة، وواشنطن لن تقبل خسارتها. وجدير بالذكر أن قيمة المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا في خلال شهرين من الحرب بلغت أكثر من 7 مليارات دولار. وهذا رقم ضخم قياساً الى الفترة الزمنية المذكورة.

وتضغط واشنطن على حلفائها في أوروبا الشرقية، كي يسلّموا كييف كل ما يملكونه في ترساناتهم من بقايا الأسلحة السوفياتية، مثل أنظمة صواريخ “إس-300” المضادة للطائرات ودبابات “تي-72” وطائرات “سوخوي-29″، على أن تعوضهم الولايات المتحدة أسلحة أمريكية بديلة.

وفي الوقت نفسه، بدأ الجيش الأمريكي تدريب الأوكرانيين على استخدام مدفعية “هاوتزر” الغربية وعلى قيادة مروحيات أمريكية، تمهيداً لتسليمها لأوكرانيا. وضغطت واشنطن على ألمانيا من أجل إرسال دبابات “ليوبارد” و”مادر” المتطورة إلى كييف، لكن برلين وجدت حلاً وسطاً عبر تزويد أوكرانيا مدرعات “غيبارد” التي تحمل أنظمة مضادة للطائرات. وأرسلت فرنسا مدافع “قيصر” وصواريخ “ميلان” المضادة للدروع.  

لا تقتصر حملة بايدن على إرسال الأسلحة، إذ إنها تطالب على نحوٍ يومي بضرورة اتخاذ الاتحاد الأوروبي قراراً يوقف فوراً استيراد النفط والغاز الروسيين، علماً أن قراراً كهذا قد يعرض بعض الاقتصادات الأوروبية للدخول في فترة ركود طويلة ولخسائر كارثية.  

الملاحظ بعد مرور أكثر من شهرين على الحرب، أن أوروبا غير قادرة على مجاراة الولايات المتحدة، سواء في الخطاب العدائي أم في خطوات التسليح، وأنها لم تصل إلى مرحلة اليأس الكامل من إمكان التوصل إلى تسوية ما مع روسيا، على عكس الموقف الأميركي القاطع في مسألة ترميم العلاقات مع موسكو طالما أن بوتين موجود في الحكم.

هذا الاختلاف في النظرة إلى ما يجب أن تكون عليه العلاقات مع روسيا، هو الذي يتحكم بالموقفين الأمريكي والأوروبي الآن. وباستثناء بولندا وجمهوريات البلطيق، فإن الفوارق واضحة بين ما تريده أميركا وما تريده أوروبا. وينعكس هذا الأمر، أكثر ما ينعكس في مواقف ألمانيا وفرنسا.

ويفسح الموقفان الفرنسي والألماني مجالاً للسياسة والدبلوماسية مع موسكو، بينما من الواضح أن إدارة بايدن تجاوزت ذلك إلى تبني استراتيجية إلحاق “هزيمة استراتيجية” بروسيا، حتى ولو طالت الحرب. ولعل هذه الفكرة هي التي تؤرق القادة الأوروبيين الذين لا يريدون تحويل القارة بكاملها إلى ساحة في أكبر مواجهة جيوسياسية يشهدها العالم ربما منذ الحرب العالمية الثانية.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …