بقلم: محمد خليفة – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – هناك معايير تقاس بها الشعوب والمجتمعات، منها ما هو بشري، يتمثل في ما تقدمه للعالم من إنجازات وخدمات، ومنها ما هو طبيعي، يتمثل في ما تملكه من ثروات وموارد طبيعية.
ويبرز في الجانب الأول ما يمنّ الله به على الشعوب من كفاءات وقيادات تبرز في ظروف تكشف قدرات استثنائية في القيادة، خاصة وقت المحن والشدائد.
ومن يعرف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يدرك ذلك جيداً في فراسته وحنكته وحكمته. ففي هذه الظروف الصعبة التي مرت بها البشرية، أدار سموه ملف الأمن الاقتصادي بقوة وفعالية.
فسلطان الخير والفخر والاعتزاز وضع استراتيجية توفير الغذاء نصب أولوياته، فجاءت المراسيم الأخيرة التي أصدرها سموه لترسم فجر يوم جديد لإمارة الشارقة، هذه القرارات الإنسانية والمجتمعية والاقتصادية تبعث على التفاؤل، وتحث على العمل، وتزيد من حجم المسؤولية لدى كل مواطن، خاصة في وقت تشتد فيه الأزمات الاقتصادية في العالم، ولاسيما أزمة الغذاء، من جراء تغير المناخ وتعقد السياسة الدولية، وانقسام العالم، وتعطل سلاسل التوريد من الغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث تلوح في الأفق أزمة غذاء عالمية، لن ينجو منها إلا من يتخذ زمام المبادرة، ويعتمد على نفسه وأرضه.
ومن هذا المنطلق، أصدر سموه مراسيم أميرية تختص بما يلي: إنشاء دائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالشارقة، اعتماد تأسيس جمعية مربي الثروة الحيوانية، تأسيس جمعية مزارعي القمح في إمارة الشارقة. هذه المراسيم كلها تدل على مدى الاهتمام الكبير الذي يوليه سموه للزراعة وتطويرها، ولاسيما زراعة القمح الذي يمثل الغذاء الرئيسي في الإمارات والعالم أجمع. وأيضاً تطوير مصادر الثروة الحيوانية والسمكية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والأسماك في الإمارة، وتعزيز مصادر الغذاء في دولة الإمارات بشكل عام.
ولم تكن الزراعة والثروة الحيوانية مهملتين في إمارة الشارقة، بل كانتا محلّ اهتمام كبير، لكن زاد حجم الاهتمام بهما، حيث تعددت المشاريع الزراعية والحيوانية، وتنوعت الحاصلات والمنتجات. ويأتي ذلك في إطار خطة شاملة تتبعها دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز منظومة الأمن الغذائي فيها. فمنذ عام 2018 تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي تهدف إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وأن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051.
لا شك أن الجهود المبذولة على مدى السنوات الطويلة من عمر الاتحاد، قد جعلت الإمارات تحتل المركز ال21 في ترتيب الدول في مجال الأمن الغذائي، وذلك عام 2020، وهو مركز متقدم جداً رغم أن الإمكانات المتاحة محدودة بسبب شح المياه وصعوبة المناخ، ونوع التربة التي تتوفر في أرض الإمارات، لكن، رغم تلك الصعوبات، تم التغلب على مختلف العوائق بالعلم والصبر والحكمة، إضافة إلى المتابعة الحثيثة من قبل القيادة الرشيدة التي لم تدخر مالاً ولا جهداً في سبيل الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغذاء بمختلف أنواعه، حتى تبقى الدولة في منجاة من الأزمات التي يتوالى حدوثها في العالم.
إن تلك الانطلاقة الواسعة، لتمكين الزراعة والإنتاج الحيواني في إمارة الشارقة، سوف تسهم في تعزيز قطاع الزراعة والثروة الحيوانية في دولة الإمارات، وهي تكشف عن إدراك عميق وقراءة واعية لحاجة الوطن في المرحلة القادمة ومتطلباتها عبر أسس رصينة. وهذا يؤكد أن امتداد حالة الاستقرار السياسي، وثبات المسار، من شأنه أن يعزز مفهوم الأمن والاستقرار، وبالتالي يدفع بعجلة التنمية المستدامة إلى الأمام، حيث تنعم الأجيال الحالية، والأجيال القادمة بثمار الرخاء التي غرستها أيادي القيادة الرشيدة.
.. دام وطننا بخير وازدهار.