افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – بعد أكثر من شهرين على بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، ومع مرور كل يوم، تزداد القناعة لدى مختلف المتابعين لهذه الحرب بأن الأوضاع تتدحرج نحو الأسوأ، وأن الحرب قد تأخذ مدى عنف أشد قسوة، مع احتمال أن تخرج عن حافة الهاوية إلى ما هو أسوأ بكثير.
يشير معظم المحللين الغربيين، ومن بينهم عدد من الأمريكيين إلى أن الولايات المتحدة، ومنذ بداية الأزمة، اتخذت موقفاً صارماً تجاه المطالب الروسية، الخاصة بوقف تمدد حلف الأطلسي باتجاه حدودها، وتجاهلت نشر أسلحة متطورة في دول أوروبا الشرقية، إضافة إلى الأمن المتبادل مع الدول الأوروبية. كما لوحظ أنها لم ترد إيجاباً على رسالة روسيا التي بعثتها إليها وإلى حلف الأطلسي حول مقترحات للتسوية.
وكان لافتاً أنه بعد اندلاع الحرب، وفيما قام عدد من الزعماء الأوروبيين، ومن بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز بزيارة موسكو في مسعى للتوصل إلى تسوية، كانت الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على أوروبا وغيرها للانخراط في العقوبات الاقتصادية والمالية ضد روسيا، وأبدت امتعاضاً مضمراً من جهود الوساطة هذه، كما أنها لم ترحب بالمفاوضات التي جرت بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، وعلى الحدود البيلاروسية، في حين كانت تضغط على كييف، لوقف هذه المفاوضات؛ بهدف إفشالها، وحثها على مواصلة القتال مع تقديم كل ما تحتاج إليه من أسلحة وعتاد ودعم مالي.
خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل يومين في البيت الأبيض كشف جانباً من الاستراتيجية الأمريكية إزاء هذه الحرب، كما كشف تناقضاً في الموقف الأمريكي إزاء مبررات دعم أوكرانيا. فهو عندما يقول: إن بلاده «لن تهاجم روسيا؛ بل تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها»، ويعد بتقديم المزيد من الدعم العسكري لكييف، لمواجهة الهجوم الروسي، وأن «دعم أوكرانيا مكلف، لكن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تبقى على الحياد»، فهذا معناه أن الولايات المتحدة تشارك فعلياً بالهجوم على روسيا، وهي تشارك أيضاً بمطالبته الكونغرس الموافقة على 33 مليار دولار إضافية؛ لمساعدة أوكرانيا، كما تشارك بالسعي إلى مصادرة كل ما تملكه روسيا من ودائع في الخارج من أجل تقديمها إلى أوكرانيا.
ويقول بايدن أيضاً: إن الولايات المتحدة «لن تسمح لروسيا بترهيب أوروبا»، لأن روسيا «تستخدم الطاقة كسلاح ضد من وقف ضدها في الحرب على أوكرانيا»، وهو كلام فيه شيء من الاستعلاء، لأنه يريد أن يقول إنه يحق للولايات المتحدة أن تستخدم كل ما لديها من أسلحة ضد روسيا، بما يشمل العقوبات الاقتصادية والمالية، والأشخاص والشركات والمؤسسات ومصادرة الممتلكات والأصول المالية، والضغط على كل دول العالم، للانضمام إلى الموقف الأمريكي، وتهديدها بالعقوبات إذا لم تستجب، في حين لا يحق لروسيا أن تستخدم سلاح الطاقة ضد دول تجاهرها العداء، وتلبي الطلب الأمريكي بتقديم الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.
إنها مواقف تصب الزيت على النار، ولا تخدم مساعي الحوار والسلام والحلول العادلة.